رواية فردوس الشياطين كاملة مجمعة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب-تداول منصتي


رواية فردوس الشياطين كاملة مجمعة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب

فردوس الشياطين تداول منصتي
فردوس الشياطين
تداول منصتي

فصول الرواية

الفصل الأول

~¤ الثأر ¤~ :
المكان : كفـر الدواغـرة , طاميـة / الفيــوم
الزمان : مساء 23 أغسطس 2016
تشق تلك السيارة الفـارهة طريقها وسط كفر بنـي داغر المهيب … أو الذي كان مهيبا
قبل إنتشار الفوضى و الإنفلات الأمني و تفشى جرائم القتل و السرقة و قطع الطرق و كل هذا لأسباب مجهولة
توالت الحوادث الواحدة تلو الأخرى و من كثرتها حفظت بالملفات بقسم الشرطة و لم يهتم أحد بالتقصى خلف الدلائل أو تتبع المجرم لأنه كما يبدو ليس مجرم واحدا ، بل أنهم مجموعة مجرمون
و في ظل هذه الأجواء المكهربة ضاعت شخصية و هيبة العمدة بعد هيبة الشرطة ، بالإضافة إلى الانفلات الأخلاقى و أصبح الجميع دون انكسار و كثرت المشاكل
خاصة الثأرية التى تنتهى بضحايا كثيرة ، حيث كان لبعض الأجهزة الأمنية دور كبير فى هذه المشاكل ، بالإضافة إلى البلطجة و الاستيلاء على الأراضى … إلخ
تتوقف السيارة السوداء بعيدا عن دوار العمدة بقليل فلا تميزها من شدة الحلكة بالمكان ..
يترجل منها ذاك الرجل الملثم المفتول بمنتهي الحرص و الحذر
يتسلل في هدوء الليل إلى الداخل قافزا بمهارة من فوق السور الحجري
شاهد الخفراء يجلسون ضمن حلقة نار قرب البوابة الضخمة يحتسون الشاى و يتسامرون
وثب واقفا بخفة كي لا يجذب إنتباههم و أكمل طريقه منطلقا بين الشجيرات بسرعة غير مرئية ، حتي وصل عند غرفة خلفية في الحديقة تفضي إلي داخل البيت
ولج بسهولة و صعد الدرج للطابق العلوى و إتجه لغرفة عمه … “منصـور الداغـر” عمدة كفر الدواغــــرة
أمسك بمقبض الباب و أداره ، ثم دفعه بهدوء و دخل و أغلق من خلفه بالمفتاح …
كان العم مستيقظا في فراشه
إنتبه لتكة المفتاح في قفل الباب فنظر ناحيته صائحا :
-ميــن ؟ .. كان صوته متحشرجا
-أنا ! .. قالها الرجل و هو يخلع شماغة وجهه
العم و هو يدقق النظر عبر الظلام :
-إنت مين ؟! .. و أشعل ضؤ الأباچورة بجانبه
-سفيــان !! .. هتف العم بدهشة
ليبتسم “سفيان” إبتسامة ودية و هو يقول :
-أيوه يا عمي أنا سفيان .. كويس و الله إنك لسا فاكرني
العم و هو يكفكف دموعه في كم جلبابه :
– طبعا فاكرك يابني . معقول هنساك !
ده أني كنت مستنيك أصلا . إتأخرت أوي كده ليه ؟ إنت مادرتش بإللي حصل ؟
يتقدم “سفيان” من سريره و هو يقول ببرودة أعصاب :
-دريت .. دريت يا عمي
البقاء لله
كان جسد العم هزيلا و وجهه مترهل تملأه التجعيدات ، تغير كثيرا عن أخر مرة قابله “سفيان” .. مرت سنوات بعد أخر لقاء ليكون عمر العم الآن فوق الثمانون عاما بقليل
كان شاحب و جسده أبيض تخالطه الزرقة ، تماما كالأموات
لكنه حى أمامه … جسد فقط ، بلا روح
-كسرولي ضهري يا سفيان .. قالها العم بصوت كالأنين و هطلت دموعه من جديد
إلتوى ثغر “سفيان” بإبتسامة هازئة و قال :
-هما مين دول يا عمي ؟ إنت عرفت مين إللي قتل ولادك ؟
العم و هو يبكي بحرقة :
-لأ لسا يابني . بس هعرفه . و رحمة الغاليين لأعرفه و ساعتها هاجيبه هنا قدام البلد كلها و هقطع من جتته حتت
هرميه للكلاب و هو حي و هشرب من دمه . و الله لو كان أخر يوم في عمري لأعمل كده
يضحك “سفيان” ضحكة مجلجلة ، ثم يقول ساخرا :
-مافتكرش يا عمي .. مافتكرش هتقدر تعمل كده
توقف العم عن البكاء و نظر إلي إبن أخيه متسائلا بدهشة :
-إنت بتضحك علي إيه يا وله ؟ و بعدين قصدك إيه ؟
مش هقدر ليه يعني ؟!
سفيان : أنا آسف شكلي إستخدمت تعبير مش واضح
نخليها مش هتلحق !
العم : و مش هلحق ليه يابني ؟؟!!
حني “سفيان” رأسه قليلا و أتت نبرته مغناة تطير في الغرفة كالريشة :
-لأنـي هقتــــــلك .. أه هقتلك دلوقتي يا عمي
جحظت عينا الأخير و هو يقول بصدمة :
-إنت . جاي عايز تقتلني ؟؟؟
سفيان بإبتسامته الشيطانية : إسم الله عليك . أيوه يا عمي أنا جاي عشان أقتلك
و أقولك الكبيرة كمان ؟ أنا إللي قتلت ولادك . ياسر و بدر و خيري .. أنا إللي عملت القلق في البلد و قومتها عشان ماخليش دليل ورايا و بعدين بعتلهم ناس محترفين مخصوص عشان يقتلوهم علي حياة عينك و يحرقوا قلبك عليهم
العم بصدمة مضاعفة :
-إنت .. إنت إللي قتلتهم ؟ ليــه ؟؟؟؟؟
سفيان و قد إكتسح الغضب ملامحه و نبرات صوته :
-هو إيه إللي ليه ؟ إنت نسيت إنت عملت إيه ؟
نسيت عملت إيه فيا و في أبويا و أمي و أخواتي يا عمي ؟ ده أنا صممت أخلي حسابك إنت للأخر عشان أدوقك من نفس الكاس و أعيشك يومين غم قبل ما أبعتك لربنا هو بقي يكمل بقيت حسابك
العم بإنفعال : حســاب إيــــه يا وله ؟ ده أني إللي هقطع خبرك و آا …
-بـــس إهدا علي نفسك شوية ! .. قاطعه “سفيان” بصرامة ، و أكمل بخبث :
-ماتتعصبش أوي كده . أنا محتاج أوي لتركيزك الشوية الفاضلين دول .. و هجم عليه ممسكا به
هم العم بالصراخ ، فكمم “سفيان” فمه و أنهضه من فراشه ملقيا به علي كتفه … وضعه علي الكرسي المتحرك الذي وجد بجوار السرير
قيد يديه خلف ظهر الكرسي و أحضر منشفة صغيرة و حشرها بفم العجوز العصبي ليسكت صراخه المزعج ..
إعتدل في وقفته أمام عمه و مد يده و سحب مسدسه المزود بكاتم الصوت من جيب بنطاله الخلفي ، ثم أشهره في وجه العم و أكمل كلامه :
-أنا مش هقتلك غدر. حتي لو إنت عارف الأسباب لازم تسمعها مني قبل ما أنفذ إللي جيت عشانه
من 17 سنة .. كان عمري وقتها 21 سنة و كنت مسافر أدرس في أمريكا . جدي ذكريا الداغر مات و هو بيعمل عملية في قلبه . مافاتش علي موته 40 يوم و كنت بتتعارك إنت و أبويا علي العمودية
العركة كبرت و وصلت للقتل . قتلت أخوك يا عمي و طلعت منها بعيار طايش . عن طريق الغلط . بعدها إتجوزت أمي غصب قبل حتي ما العدة تخلص . إخواتي الصبيان يوسف و محمد إللي كانوا أطفال و مالهمش ذنب في أي حاجة
غرقتهم في السواقي منغير ماتحس بذرة شفقة عليهم . و إللي لحقت تهرب منك قبل ما تقتلها وفاء أختي . جاتلي علي أمريكا و حكتلي علي كل حاجة
بعديها بفترة سمعنا إنك حبلت أمي و جبت منها عيال من نسلك . عاشت معاك 5 سنين و من القهرة ماتت في الأخر
صمت “سفيان” للحظات ، و أردف بجدية :
-عارف رغم إن ولادك التلاتة يعتبروا إخواتي .. بس أنا مش ندمان أبدا إني قتلتهم و لا حتي زعلان عليهم
دول كانوا زرعة وسـ×× في أرض طاهرة و كان لازم أمحيهم من الوجود . دلوقتي أمي تقدر ترتاح في تربتها
فاضل أبويا و إخواتي . يوسف و محمد
و أحكم قبضته علي المسدس ، شد صمام الأمان ليهئ خروج الطلقة التي إدخرها لسنوات من أجل هذه اللحظة ..
شخص العم ببصره و غمغم بالرفض و هو يتلوي في الكرسي
ليضحك “سفيان” و يقول بإسلوبه الماكر :
-نفس العيار إللي ضربت بيه أبويا . جبتهولك مخصوص يا عمي . بالله عليك ماتنساش لما تشوفه تسلملي عليه و تقوله سفيان إبنك .. هو إللي خدلك حقك
ثم ضغط علي الزناد ضغطة وحيدة حاسمة …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
كانت درجة الحرارة لا تطاق في الشوارع عندما أوقفت “يارا” سيارتها داخل المرآب و هرولت مسرعة نحو منزلها الذي تظلله الأشجار ذات الأوراق الكبيرة
شعرت “يارا” أن الطقس قاتم و مكفهر مثل مزاجها تماما بعد العراك الذي نشب بينها و بين رئيس تحرير الجريدة التي تعمل بها كصحفية
لقد إشترطت علي ذلك الأرعن الرزيل قبل أن تلتحق بعملها بأنها لن تسافر إلي أي قرى أو نجوع لتغطية أي خبر كان
كانت توافق علي السفر إلي خارج البلاد أحيانا و ضمن فريق كامل من زملائها ، كانت تهوى تغطية الحفلات و المهرجانات و المؤتمرات ، هذا ما تفهم فيه أكثر
و لكن رئيسها لم يعجبه ذلك ، فأوكل إليها مهمة تغطية تحقيق مقتل عمدة إحدي القرى بالفيوم
لن تذهب ، لقد عقدت العزم علي هذا و إن وصلت إلي حد فصلها من الجريدة ، لن تسـافــــر …
غمغمت “يارا” بتذمر و هي تبحث في حقيبتها عن مفاتيح المنزل ، و ما أن أصبحت بالداخل حتي غمرتها الراحة النفسية
بحثت عن أمها و هي تهتف :
-مـامآااا .. مـامآااا . يا ميرڤــــت . إنتي فين يا حجة …
-إيه يابنتي الغاغة دي ؟ .. قالتها الأم بإنزعاج و هي تدخل من باب الشقة
تلتفت “يارا” لها و تقول بتبرم :
-إنتي كنتي فين يا ماما ؟ أنا كل ما أجي من برا ألاقاكي في حتة شكل . كنتي فين يا ميرڤت ؟
ميرڤت بضيق : سبيني في حالي ونبي يا يارا
لسا جاية من عند خالتك سعاد و مغمومة علي أخري و الله
يارا و هو تلوي فمها بإمتعاض :
-إيه إللي حصل تاني . مين المرة دي ؟ أحمد و لا كريم و لا هشام ؟
ميرڤت : هشام
يارا : و عمل إيه سي هشام ؟ إشجيني
ميرڤت : سرق طبنجة ظابط
يارا و هي تشهق بصدمة :
-يخربيته .. نهاره إسوود و عمل كده ليه ؟؟؟
ميرڤت : هو و صحابه كانوا صايعين إمبارح في الشارع لحد أخر الليل شافوا بنت ماشية بعربيتها مشيوا وراها و فضلوا يضايقوها لحد ما وقفهم أمين دورية . الظابط نزلهم و إداهم كام شتيمة فمسكوا فيه . واحد عوره و التاني كسرله إيده و إبن خالتك الباشا سرق طبنجته و جري هربان علي البيت
يارا بغضب : الحيوآان .. ده يستاهل قطع رقبته . طبعا خالتي مخبياه دلوقتي و البوليس بيدور عليه
ميرڤت بسخرية : البوليس قبض عليه يا حبيبتي
صاحبه الوحيد إللي إتمسك قر عليهم من أول ألم
يارا : يا نهآااار إسووود .. طيب محدش راح يخرجه و لا حد عمل أي حاجة ؟؟؟
ميرڤت بضيق شديد : لأ محدش عرف يعمله حاجة حتي الكفالة عشان يخرج ماينفعش . هيتحبس 15 يوم علي ذمة التحقيق و الله أعلم هترسي علي إيه
منه لله الواد ده هيجيب أجل أمه
يارا بتهكم ممزوج بالغيظ الشديد : لأ و إنتي الصدقة يا والدتي الـ3 مع بعض هيشلوا أختك عن قريب .. ثم أخرجت هاتفهها مكملة :
-عموما أنا هتصرف كلمي خالتو و طمنيها
ميرڤت بتلهف : بجد يا يارا ؟ هتعملي إيـــه ؟؟؟
نظرت “يارا” لها و قالت بتأفف :
-هعمل إيه ! هعصر علي نفسي فدان لمون و هكلم مستر هتلر
ميرڤت بإستغراب : هتكلمي مين ؟ إيه هتلر ده ؟!
يارا بضيق : الأستاذ شكري .. رئيس الزفت التحرير !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
هنا في هذا الحى القاهري الراقي و الذي يتميز بالعزلة و الهدوء بعيدا عن ضجيج المدينة … تبرز مساحة من الأرض
تقع في الجزء الجنوبي الغربي للمنطقة ، توضعت عليها ڤيلا آل”داغر” الفخمة الشامخة
الحراسة تطوق المنزل و الحركة ساكنة بالحديقة إلا من تمايل أغصان الشجر و زقزقة العصافير
تظهر إمرأة في العقد الرابع من عمرها عند الشرفة العلوية للمنزل ، تلقي نظرة قلقة علي مرآب السيارات و تطمئن فجأة حين لمحت سيارة أخيها في مكانها
تترك الشرفة و تنطلق صوب غرفته ، تفتحها دون أن تدق علي الباب و تدخل ..
كان الأخ مستغرقا في نومه بملابسه الداخلية ، أو تحديدا بالسروال الداخلي فقط كما هي عادته منذ صغره
إقتربت الأخت منه و وضعت يدها علي كتفه العاري ، هزته بلطف و هي تناديه :
-سفيـان .. سفيـان . يا سفيان إصحـي
يتململ “سفيان” مغمغما بضيق :
-إيــه يا وفـاء في إيـه علي الصبح
سبيني نايم شوية أنا ماكملتش ساعتين
وفاء بنبرة خفيضة : أنا بس كنت جاية إطمن عليك . خلصت الموضوع بهدوء زي ما إتفقنا ؟!
سفيان بصوت ناعس : أيوه . كله تمام ماتقلقيش .. يلا بقي إخرجي عايز أنـآاام
وفاء : طيب يا حبيبي هاسيبك . بس هبلغك رسالة من المتر سامح الأول . بيقولك ميرا خرجت من المستشفى من ساعة
و هنا هب “سفيان” من فراشه ناسيا نعاسه تماما :
-خرجت و راحت علي فين ؟ مين إللي خرجها ؟؟؟
وفاء : أمها .. أمها إللي خرجتها و خدتها علي البيت هو لسا مكلم المحامي إللي وكلناه في أمريكا و هو بنفسه إللي بلغه بالخبر ده
سفيان و هو يتوقد غضبا : و إزاي بنت الـ××××× دي تخرجها بدون علمي ؟
دي نهارها أزرق . أنا هسافرلها و هطلع ميـ××× أمها .. و كاد يمضي نحو خزانته
لتستوقفه أخته : إستني يا سفيان . الأمور مش بتتاخد كده
سفيان بعصبية : أومال بتتاخد إزآااي ؟
إنتي عايزاني أستني لحد ما بنتي تضيع عشان أتحرك ؟!!
مش كفاية سبتها مع أم مستهترة و بنت ستين كلب 16 سنة بحالهم ؟
البت أكيد شربت منها حاجات كتير لو سبتها أكتر من كده مش هتنفع لازم أجبها هنا في أسرع وقت
وفاء و هي تحاول تهدئته : ماتقلقش يا حبيبي هانجبها
إهدا إنت بس هي هتروح فين يعني ؟
أمها ماتقدرش تنقلها من مكانها في قضية شغالة و المحكمة كمان إسبوع و بعدين الشرطة هناك مش بتهزر .. إهدا بقي كله هيبقي تمام
زفر “سفيان” حانقا و قال بخشونة :
-لأ . مش هاهدا .. إطلبيلي سامح خليه يجي حالا
أنا داخل أخد دوش بسرعة .. و أكمل و هو ينطلق صوب المرحاض الملحق بالغرفة :
-و خلي حد يجبلي القهوة بتاعتي هنا
تنهدت “وفاء” و تمتمت يائسة :
-مافيش فايدة . لا بيرتاح و لا بيهدا أبدا . نآاار قايدة و مابتنطفيش !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في قسم الشرطة … داخل مكتب وكيل النيابة
تجلس “يارا” بجوار “شكري العبيدي” رئيسها في العمل ، تستمع بفتور إلي حواره الثقيل مثله مع الضابط
شكري بلهجته الرسمية : سيادة اللوا باعتلك سلام معايا يا حضرة الظابط و بيقولك تستعجلنا محضر الصلح لو تكرمت .. و ناوله كارت اللواء
الضابط و هو يلقي بالكارت فوق مكتبه بحركة إستخفاف : يا أستاذ شكري إنت مش محتاج كارت . يكفي مجيتك لحد هنا إنت شرفت القسم و الله
شكري بحبور : الله يخليك يافندم متشكر
الضابط : بس العيال دي لازم تتربى .. سبهملي يومين هنا و أنا هخلي سبيلهم و هراضي الأمين إللي إضرب بس بعد ما يتأدبوا شوية
إرتبك “شكري” و هو ينظر نحو “يارا” المستنكرة ، فعاد بنظره للضابط و قال بلطف :
-يا باشا إحنا طمعانين في كرمك . دول مجرد شباب صغيرين و غلطوا غصب عنهم . إعتبرهم زي إخواتك و هما كويسين و ولاد ناس و الله
معلش عشان خاطري أنا تخرجهم إنهاردة !
صمت الضابط لبرهة ، ثم قال بفم ممتعض :
-ماشي يا أستاذ شكري
عشان خاطرك إنت .. و الله ما بعملها مع حد عشان تبقي عارف بس
شكري بإمتنان : متشكر يا باشا . و إحنا كمان في الخدمة لو عوزت أي حاجة
الضابط : يا سيدي ربنا يبعدنا عنكم . الصحافة بالذات إحنا في حالنا و إنتوا في حالكوا
شكري و هو يضحك : برضو في الخدمة يا باشا
و خرج كلا من “شكري” و “يارا” بعد أن حصلا علي وعد من الضابط بإخلاء سبيل “هشام” .. في المساء سيعود إلي بيته
-أنا مش عارفة أشكرك إزاي يا ريس ؟ .. قالتها “يارا” بلهجة فاترة
ليرد “شكري” بصرامة تامة :
-لأ يا أستاذة يارا إنتي عارفة ممكن تشكريني إزاي .. التحقيق ده مهم و لازم يتغطى خصوصا إن بقيت الجرايد ماكتبتش عنه لغاية دلوقتي كله خايف يسافر بسبب الفوضى و الإنفلات الأمني إللي هناك دي فرصتنا
يارا بغضب ممزوج بالدهشة : يعني حضرتك بتقول الناس خايفة تسافر و فوضي و إنفلات أمني و ما شاء الله الجرنال مليان زملا رجالة ضاقت بيك أوي و عايز تبعتني أنا هناك ؟؟!!
شكري بجدية : إنتي بالذات لازم تسافري . إنتي مش مجرد صحافية شاطرة عندي لأ . إنتي كمان أحسن مصورة في الجرنال . و يا ستي لو كنتي خايفة من السفر لوحدك هبعت معاكي الأستاذ شمس محرر باب الحوادث و الوفيات أهو يساعدك في كتاية التقرير هو راجل خبرة برضو
يارا و هي تحتدم غيظا : هاخد معايا الأستاذ شمس الكفيف ؟ ده أنا كده إللي هشتغله داده طول الرحلة
إنت عايز توديني في داهية يافندم ؟!
زفر “شكري” و قال بضيق :
-إسمعيني . مش عايز جدال . إللي عندي قولته
يا تسافري بكره تغطيلي التحقيقات يا تدوري علي جرنال تاني تشتغلي فيه
يارا : بقي ده كلام يعني يا ريس ؟
شكري : هو ده الكلام بالنسبة لي . مهنة الصحافة لها ضريبة و الصحفي الناجح هو إللي بيكون مغامر و قلبه ميت حتي لو واحدة ست هتبقي بـ100 راجل و حواليكي أمثلة كتير يا أستاذة يارا
نظرت “يارا” له و قالت بصوت جاف :
-ده أخر كلام عند حضرتك ؟
زم “شكري” شفتاه و قال بصرامة :
-أيوه . و عايز ردك بكره الصبح عشان لو رفضتي ألحق أتصرف .. و أكمل بسخرية :
-و تلحقي إنتي كمان تشوفيلك جرنال خايب تشتغلي فيه علي كيفك و تفضلي صحفية درجة تالتة طول عمرك
عن أذنك يا أستاذة .. و رحل
ليزيد غضبها و غيظها إضطراما و هي تغمغم :
-صحفية درجة تالتة !!
طيب و الله لأوريك يا شارلوك هولمز إنت . هعرفك مين هي يارا الزهيري ……….. !!!!!!!!!!!!
يتبـــــع …

الفصل الثاني

~¤ أسفار ! ¤~
يخرج “سفيان” من الحمام مرتديا مئزره الأبيض … ليجد فنجان القهوة الذي طلبه بإنتظاره علي الطاولة
يحتسيه كله علي ثلاثة جرعات ، ثم يتجه صوب خزانته الضخمة ..
عمد علي تنسيق بنطلون رمادي مع قميص أبيض يعزز تقاسيم بنيته الرياضية ، و أرتدي حذاء من نفس لون القميص ، ثم إنتقل لقسم الإكسسوارات و العطور
فإرتدي ساعة يد إبتلعت معصمه الأسمر العريض و إتخذ سلسلة فضية تدلت منها قلادة ثلاثية الأبعاد علي شكل مرساة السفينة
و أخيرا مشط شعره بخفة و رش عطره القاتم النفاذ بغزارة ، ثم أسرع إلي الأسفل …
يقابل الخادمة في طريقه لتبلغه بوصول صديقه “سامح حمدان” المحامي ، خرج “سفيان” إلي الشرفة مسرعا فوجد صديقه يجلس هناك و يحتسي فنجانا من الشاي
تقدم نحوه و هو يهتف :
-سـآامح ! بنتي خرجت من المستشفى إزاي ؟؟؟؟
يرد “سامح” و هو يضع الفنجان علي الطاولة :
-صباح الخير يا سفيان
سفيان : بقــــــــولك بنتي خرجت من المستشفى إزاي ؟
سامح : طيب إزيك الأول !
سفيان بغضب : جرى إيه يا سامح
تنهد “سامح” و قال مبتسما :
-خلاص ماتتضايقش أوي كده .. بنتك خرجت من المستشفي مع أمها . الدكتور سمحلها بالخروج رجلها بقت كويسة و مافيش داعي تقعد أكتر من كده و هي كمان إللي طلبت تخرج
سفيان : و أنا قرطاس لب هنا صح ؟
أنا قولتلك أمها ماتشوفهاش لحد معاد المحكمة حصل و لا لأ ؟؟؟
سامح : حصل يا سيدي بس دي كانت رغبة بنتك هي قبلت تشوف أمها و إنت عارف الأمريكان عندهم Democracy و حقوق إنسان و ليلة بيضة و حضرتك عربي و مسلم هيسمعوا كلامك و لا كلام أمها الأمريكانية !!
سفيان بإنفعال : أمها الأمريكانية دي مدمنة خمرة و كانت محبوسة من 4 شهور في المستشفى . أمها ماتقدرش تراعيها و لا تاخد بالها منها دي ممكن تبيعها لو هتجبلها تمن إزازة ويسكي
سامح بثقة : ماتقلقش عليها ماتقدرش تعملها حاجة إحنا عندنا عيون برا و لا نسيت ؟
سفيان : نهــايته .. أنا عاوز أسافرلها إنهاردة شوف هتعمل إيه إحجزلي علي أول طيارة أو حتي شوفلي طيارة خاصة المهم أبقي عندها الليلة دي
سامح بإستنكار : يعني إيه إللي بتقوله ده ؟
ماينفعش تسافر اليومين دول شغلنا المهم و قضية عمك إللي إتقتل و إعلام وراثة و بلاوي زرقة عايز تسيب كل ده و تسافر ؟
سفيان : أه هسافر و إنهاردة إعمل إللي بقولك عليه من سكات
سامح : يابني إنت ماينفعش إللي بتقوله
طيب قول لسا قضية عمك بيتحقق فيها و مش مهمة . لكن الصفقة إللي عقدناها مع الجماعة الألمان . دول مابيهزروش و إنت عارف ماينفعش نتأخر عليهم
سفيان بصرامة : قلت هسافر يعني هسافر
يولعوا كلهم بجاز مايهمنيش و إنت عارف بردو .. ثم قام مكملا :
-أنا طالع أجهز شنطتي تكون جهزتلي رحلة علي هناك
و أعمل حسابك هتيجي معايا
و لم يعطيه “سفيان” فرصة للإعتراض ، فمضي مسرعا إلي الداخل و صعد لغرفته
إصطدم بأخته بالأعلي ، لتسأله :
-إيه يا سفيان ماشي متلهوج كده ليه ؟
سفيان : مستعجل . ورايا مشوار
وفاء بإستغراب : مشوار تاني ؟ رايح فين المرة دي ؟
سفيان بصوته القوي :
-رايـح أجيب بنتــي !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
تذهب “يارا” برفقة “هشام” إبن خالتها إلي منزلهم بعد أن ضمنته في القسم …
تقابلها الخالة بحفاوة شديدة و تحضتنها بقوة و هي تهدل :
-يا حبيبة قلبي . يا روحي يا غالية يا بنت الغالية
مش عارفة أعملك إيه يا ريري بس فرحتي بيكي ماتتوصفش ربنا يخليكي لينا يا رب
يارا بإبتسامة متكلفة :
-ماتقوليش كده يا خالتو أنا ماعملتش حاجة بالعكس ده واجب عليا .. ثم نظرت نحو “هشام” و أكملت :
-أهم حاجة بس الأستاذ ده يتعلم من غلطه و يمشي عدل بعد كده
نظرت “سعاد” لأبنها و قالت بغيظ :
-ده الأستاذ ده له حساب تاني معايا .. و رحمة أبوك يا هشام ما هطول مني مليم و عربيتك إنساها هديها لأخوك كريم و المدرسة كمان مانتش رايحها
هشام : نعــم ! إيه إللي بتقوليه ده يا ست الكل ؟
مافيش الكلام ده إنتي بتكلمي عيل صغير !!
سعاد : أااه بكلم عيل صغير . لما تروح تمشي مع الصيع و تقلدهم في السفالة و قلة الأدب ده هيبقي إسلوبي معاك لحد ما تتعدل و أشوف ده بعيني
هشام بنظرات محتقنة :
-بقي كده يا ماما !
سعاد : كده يا روح أمك و إن كان عجبك
هشام : مآاااشي . بس إبقي إفتكريها .. و ذهب إلي غرفته
لتسمعه “يارا” يصفق الباب بعنف تهتز له الأبدان ..
-خبطة في نفوخك إن شاء الله يا قليل الآدب .. قالتها “سعاد” بصوتها الجهوري
فضحكت “يارا” بخفة و قالت :
-طيب عن إذنك بقي يا خالتو . همشي عشان إتأخرت علي ماما
سعاد بلطف جم :
-لأ يا حبيبتي تمشي إيه ؟ إنتي هتتعشي معانا ده أحمد زمانه جاي من الشغل و هيفرح أووي لما يشوفك .. و غمزت لها
يارا بضيق : معلش يا خالتو لازم أمشي
مرة تانية إن شاء الله
سعاد : طيب إستني أنا كنت عايزة أسألك سؤال
ردك إيه يا حبيبتي علي الموضوع إللي أمك كلمتك فيه
نظرت “يارا” لخالتها و قالت بجدية :
-بصي يا خالتو
أولا أنا مش بفكر في الجواز الفترة دي نهائي . ثانيا أحمد زي أخويا إحنا إتربينا سوا و أنا مش هقدر أبصله من منظور تاني
سعاد و قد تلاشت إبتسامتها :
-يعني إيه ؟ بترفضي إبني يا يارا ؟؟!!
يارا : يا خالتو بليز ماتزعليش مني
بس أنا من حقي إختار الراجل إللي هتجوزه . أهم حاجة عايزاها في الإنسان إللي هرتبط بيه إني أكون مليا عنيه و بصراحة سوري يعني إبنك صايع و بتاع بنات مقضيها و كل يوم مع واحدة
سعاد : يا بنتي دي إشاعــات و الله إشاعـآاات
إنتي بتصدقي كلام الناس ؟ طب و الله و ما ليكي عليا يمين احمد هو إللي كلمني عليكي بنفسه . يابنتي إنتي ناسية من و إنتوا أد كده و هو لازق فيكي ده طول عمره بيحبك
يارا بإبتسامة باهتة :
-طيب خلاص يا خالتو أوعدك هفكر في الموضوع تاني
يلا بقي سلام
سعاد : مع السلامة يا غالية . إبقي طمنيني لما توصلي
خرجت “يارا” من بيت خالتها و هي تتنفس الصعداء
ركضت نحو سيارتها و صعدت خلف المقود ، بحثت عن هاتفهها ، ثم أجرت الإتصال بوالدتها …
يارا : أيوه يا ماما .. أه وصلت البيه .. أيوه خالتو فرحانة أوي
المهم يا ماما إسمعيني . عايزاكي تدخلي تحضريلي شنطة هدوم صغيرة كده .. مسافرة الفيوم أغطي تحقيق للجرنال
هاروح أحجز تذكرة القطر دلوقتي .. لازم أسافر الليلة دي عشان أكون هناك الصبح إن شاء الله .. حاضر . مش هتأخر .. سلام !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
مطار العاصمة واشنطن , مقاطعة كولومبيا , الولايات المتحدة الأمريكية … كان فرق التوقيت واضحا
عندما نظر “سفيان” في ساعة يده فوجدها تشير للحادية عشر مساءً بتوقيت القاهرة ، بينما في ساعة المطار الضخمة تشير إلي الخامسة صباحا
ضبط ساعته علي التوقيت الحالي ، ثم إلتفت إلي “سامح” قائلا :
-العربية وصلت يا سامح ؟
سامح : أيوه يا عم وصلت و الشنط طلعت
يلا بينا
و مضيا سويا إلي الخارج ، إستقلا سيارة ليموزين كانت في إنتظارهما … ليجدا المحامي الأمريكي يجلس في مقعد بمفرده منتظرا قدومهما هو الأخر
-أهلا بكما ! .. قالها المحامي الإنجليزي بلغته الأم ، و تابع و هو يصافح “سفيان” بحرارة :
-سيد سفيان . سعدت بلقائك كثيرا
سفيان ماضيا بإنجليزيته الممتازة :
-سعدت بلقائك أيضا سيد چورچ
أخبرني من فضلك . كيف حال إبنتي ؟
چورچ : إنها في أحسن صحة . سترى بنفسك
بيت السيدة ستيلا لا يبعد كثيرا عن هنا . سنكون هناك في غضون خمسة عشر دقيقة
سفيان : حسنا جدا
و أعطي “چورچ” للسائق الأمر بالإنطلاق ، لتتجه السيارة إلي بيت السيدة “ستيلا براون” زوجة “سفيان الداغر” السابقة ..
وصلوا قبل الوقت الذي إقترحه “چورچ”
فترجل “سفيان” أولا و هو ينظر إلي ذلك البيت الذي يتألف من طابقين ، تحيط به المرج الخضراء و تطوقه أشجار الأرز العالية بجذوعها التي تغطيها الطحالب و تتدلي من أغصانها ..
تقدمه المحامي ، و مشي “سفيان” مع “سامح” جنبا إلي جنب … شعر بقلبه يخفق في صدره كعصفور وجل ، فمع كل خطوة تتقلص المسافة أكثر بينه و بين إبنته التي لم يراها منذ كانت في العاشرة من عمرها
دق “چورچ” جرس المنزل و إنتظر لدقيقة ..
ففتحت “ستيلا” بنفسها
سيدة في منتصف الثلاثينيات ، بيضاء نحيلة ، متوسطة القامة ، شعرها الأشقر الناعم يصل إلي كتفيها ، و عيناها الزرقاء باهتة تحيط بها الهالات الناجمة عن السموم التي تتناولها ..
ما أن رأت “ستيلا” زوجها السابق حتي إبتسمت ساخرة و قالت :
-كنت أعلم إنك ستأتي في أسرع وقت . كيف حالك يا عزيزي ؟
أظلمت نظرات “سفيان” و لمحت “ستيلا” في وجهه هبوب عاصفة مدمرة لا تبقي و لا تذر ..
نطق أخيرا ، فقال لها بنبرة عدائية تحمل تهديدا صريح :
-ستيلا .. جئت لآخذ إبنتي !
ستيلا بإستخفاف : فلتأخذها طبعا و لا داعي للمحاكم و القضايا . إنها إبنتك أيضا
لقد كبرت و أصبحت بحاجة إليك أكثر مني .. و أكملت بمكر :
-و لكن بشروط يا حبيبي .. تفضلوا بالدخول أولا
و أفسحت لهم مجالا للدخول …
ولج “سفيان” بعد “چورچ” و أتبعه “سامح” … جلس الجميع بغرفة المعيشة ، و قبل أن يفتتح أيا منهم حديثا
إقتحمت “ميرا” المكان و علي وجهها إبتسامة مشرقة ..
نظرت إلي والدها بعدم تصديق ، و بدوره وقف “سفيان” يرمقها بشوق كبير .. إنطلقت “ميرا” نحوه حتي إستقرت بأحضانه
ضمها بحنان أبوي و هو يمسح علي شعرها الكستنائي الأملس ، لتهمس له بعربيتها الركيكة :
-دآادي . وهـشتني ( وحشتني ) كتيييييير
يبعدها “سفيان” عنه قليلا ، ثم يقول و هو ينظر لها بسعادة مفرطة :
-إنتي وحشتيني أكتر . ميرا حبيبتي
كبرتي !
ميرا و هي تنظر إلي وجهه المنحوت و تتأمل وسامته المتزايدة :
-و إنت لسا صغير … زي ما إنت
كان “سامح” في وادٍ أخر … كان يقف كالصنم ، مأخوذا بجمال تلك الحورية التي يستأثر بها صديقه
لم يصدق أنها إبنته ، هو يعلم أن له إبنة في مبتدأ سن المراهقة ، كان يتخيلها مجرد طفلة علي مطلع البلوغ
و لكن من رآها الآن أنثي بالغة بكل ما في الكلمة من معني ، أنثي بلغت كمالها … إنها تشبه والدتها إلي حد كبير و لا شك ، و لكنه إستطاع رؤية أطوار صديقه طاغية عليها ..
حمحم “سامح” بإرتباك و قال و هو يواصل النظر للفتاة الجامحة التي تقف أمامه :
-هي . هي دي ميرا ؟ .. دي بنتك يا سفيان ؟؟!!
نظر “سفيان” له و قال بحدة :
-إيه يا سامح جرالك إيــه ؟
سامح بتوتر : مافيش حاجة . أنا قصدي ما شاء الله عليها يعني ماتخيلتهاش كده .. ربنا يخليهالك
و فشل أن يحيد عنها ، ليرمقه “سفيان” بضيق شديد …
و هنا أعلنت “ستيلا” بصوتها الرقيق :
-و الآن لنتفق يا .. أبا ميرا
إذا كنت تريد إبنتك بدون مشاكل . فلتدفع ثمنها أولا ….. !!!!!!
يتبـــــع …

الفصل الثالث

~¤ كنز ! ¤~
تستيقظ “يارا” علي صوت محصل التذاكر …
تنظر حولها بإستغراب فتدرك مع هزات عربة القطار المتجه إلي الفيوم بأنها ذاهبة في رحلة عمل
-خير يا حضرة ! .. قالتها “يارا” بصوت متحشرج و هي تعتدل بمكانها
المحصل : تذكرتك يا أستاذة . باقي ربع ساعة و نوصل الفيوم إن شاء الله
تثاءبت “يارا” و هي تخرج التذكرة من حقيبتها
أعطتها له و نظرت من النافذة ، لترى ريف الفيوم يقترب و النخيل و أبراج الحمام تلوح من بعيد
إبتسمت و أمسكت بهاتهها لتحدث أمها :
-أيوه يا ماما .. أنا وصلت يا حبيبتي .. حاضر .. هبقي أكلمك كل شوية .. و إنتي كمان خدي بالك من نفسك .. مع السلامة … و أغلقت معها
دقائق و أطلق القطار بوق الوصول ، فقامت “يارا” و إرتدت حقيبة ظهرها ، ثم أنزلت حقيبة السفر المتوسطة من علي الرف العلوي و همت بالخروج إلي الرصيف ..
خرجت من المحطة و أوقفت تاكسي ، طلبت من السائق أن يقلها إلي نقطة الشرطة … و بعد أن أوصلها طلبت منه أن ينتظرها قليلا ، ثم نزلت و ولجت إلي ذلك المخفر المتواضع
قابلت المأمور بالداخل ، ليرحب بها مظهرا الكثير من اللطف :
-أهلا . أهلا و سهلا يا أستاذة نورتي طامية و الفيوم كلها
يارا بإبتسامة : منورة بأهلها يافندم . شكرا لحضرتك
المأمور : إتفضلي أقعدي . تشربي إيه ؟
يارا و هي تجلس :
-و لا أي حاجة . أنا لسا واصلة أساسا و قلت أجي علي هنا الأول أشوف التحقيقات وصلت لحد فين و بعدين أروح أشوفلي فندق أحجز فيه يومين
المأمور : قصدك التحقيقات إللي تخص حادثة عمدة كفر الدواغرة ؟
يارا : هو في غيره يافندم
المأمور : بصي عموما التحقيقات لحد دلوقتي سطحية جدا . مافيش حد بعينه و لا واحد بس مشتبه فيه
الحادثة غامضة جدا و الطب الشرعي في تقريره المبدئي قال إن طلقة الرصاص إللي خرجوها من دماغ العمدة طلعت من مسدس كاتم للصوت و مافيش بصمات في الدوار كله تدل علي شخص غريب دخل في الليلة دي
و الخفرا بيقولوا ماشوفناش حد و لا حسينا بحاجة أبدا
من الأخر يا أستاذة إللي عملها شخص محترف زي ما بيقولوا . إرتكب جريمة نضيفة جدا و مش سايب ورا أي أثر
يارا بإهتمام : طيب إنتوا مش بتشكوا في حد من أهل البلد ؟
يمكن العمدة عنده أعداء مثلا
المأمور و هو يضحك :
-مش يمكن يا أستاذة . منصور الداغر عدو البلد كلها
الله يرحمه بقي كان جبرووت مايقدرش عليه إلا ربنا
يارا : طيب ولاده إللي ماتوا من فترة ؟ تفتكر حضرتك القاتل هو هو قتلهم و بعدين قتل أبوهم ؟؟؟
المأمور : إحتمال وارد طبعا
رغم إن في شهود عيان قالوا إنهم كانوا أكتر من واحد شافوهم و هما بيغرقوا بدر و خيري و ياسر في السواقي
يارا بصدمة : كان في شهود عيان علي كده و محدش حاول ينقذهم !!!
المأمور بجدية : يا أستاذة الناس هنا غلابة . كل واحد في حاله همه مكفيه و محدش هيروح للمصايب برجليه خصوصا إن دول ولاد العمدة لو كان حد إدخل و المجرم الحقيقي هرب التهمة كانت هتمسك في البرئ إللي مالهوش ذنب . منصور الداغر كان مفتري و حرقته علي عياله كانت هتخليه يهبش في أي حد حتي لو كان عارف أنه مظلوم
عبست “يارا” و تنهدت بثقل .. ليكمل المأمور :
-عموما بردو التحقيقات لسا مكملة . إبن أخو العمدة لازم يتابع معانا بنفسه بس هو مش في مصر اليومين دول المحامي بتاعه قالنا مسافر لأسباب خاصة و راجع علطول مش هيتأخر يعني
نظرت “يارا” له و إبتسمت بجهد قائلة :
-ماشي يافندم .. أنا متشكرة جدا علي وقت حضرتك
هستأذنك دلوقتي بقي هاروح أحجز في أي فندق و بعد ما أرتاح من السفر هاجي عشان أصور الدوار و المكان إللي تمت فيه الجريمة و كمان أخد نسخة من التحقيقات لو أمكن يعني
المأمور : طبعا ممكن . ماشي أنا هبعت معاكي خفير يأمنلك السكة عشان القلق إللي داير في البلد و أبقي أشوفك بكره إن شاء الله
قامت “يارا” و صافحته و هي تقول :
-إن شاء الله يافندم . و متشكرة مرة تانية !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
أما في نصف الكرة الأرضية الأخر …
حيث تسير تلك السيارة الفـارهة بأرقي شوارع العاصمة الفيدرالية للولايات المتحدة ( واشنطن ) .. كان “سفيان” و إبنته يجلسان وحدهما بالخلف
بينما ترك “سامح” مع المحامي الأمريكي “جورچ بويد” ليتمم إجراءات التسوية التي توصل لها مع زوجته السابقة
فقد إقترحت “ستيلا” أن تتنازل عن حضانة إبنتها مقابل مبلغ طائل من المال ، و بالطبع وافق “سفيان” بدون مجادلة
طلب من “چورچ” إعداد الأوراق في الحال و بعد أن سجلت إمضتها حول لها ثلاثة مليون دولارا في حسابها البنكي
ثم أخذ إبنته بالثياب التي ترتديها فقط و مشي …
كانت مندسة تحت إبطه ، متوسدة صدره و مطوقة خصره العريض بذراعيها .. بينما كان يمسد علي شعرها بحنان و يقبل رأسها من حين لأخر ، كان بغاية السرور
حتي شعر بقطرات رطبة تتساقط علي ظاهر يده الملقاة في حجره
رفع يده ليجدها قطرات دموع إبنته ..
سفيان بقلق : ميرا !
إنتي كويسة يا حبيبتي ؟ إنتي بتعيطي ؟؟!!
وجدت صعوبة في إبتلاع ريقها قبل أن تجيب :
-لا دادي . مش بآيط ( بعيط ) .. I’m Okay
لامس “سفيان” خدها المبلل بالدموع و قال :
-إيه إللي مزعلك يا ميرا ؟ إنتي مش عايزة تنزلي معايا علي مصر ؟ عايزة تقعدي هنا ؟ بس أنا مقدرش أسيبك هنا أبدا
ميرا : أنا مش آيزة ( عايزة ) أفضل هنا دادي . إنت فهمتني غلط .. أنا مبسوطة إنك جيت آشاني ( عشاني ) و مبسوطة إني هسافر مآك ( معاك )
سفيان : أومال مالك طيب ؟ ليه الدموع دي ؟ سببها إيه يا حبيبتي ؟
ميرا بصوت كالأنين :
-سببها مامي . أنا مش كنت فاكرة أبدا إنها ممكن تتنازل آني ( عني ) بالسهولة دي . I’m shocked لهد ( لحد ) دلوقتي
مامي ماكانتش كده . مش آرفة ( عارفة ) هصلها ( حصلها ) إيه !!
سفيان و هو يربت علي كتفها بلطف :
-أمك عمرها ما حبتك يا ميرا . للآسف . مافيش أم بتحب بنتها و تقبل أنها تبيعها أو تتنازل عنها مهما كانت الأسباب
بس ماتزعليش . أنا جمبك مش هاسيبك أبدا I Promise you
نظرت “ميرا” له و قالت بإبتسامة :
-و أنا مش هاسيبك Never Ever دادي .. و طبعت قبلة خاطفة علي خده
-حبيبتي .. غمغم “سفيان” و هو يضغطها في حضنه أكثر ، و تابع :
-أنا هاعوضك . هحققلك كل أحلامك و كل إللي بتتمنيه
كل إللي ملكي ليكي يا ميرا
………………
في كاڤيتيريا المطار … كانت “ميرا” جالسة وحدها علي طاولة صغيرة ، تحتسي كأسا من عصير البرتقال و تأكل سندويشا
بينما يقف “سفيان” مع “سامح” علي بعد مسافة قليلة منها ، لم يحيد بناظريه عنها مطلقا و هو مستمر في نقاشه مع صديقه ..
سامح بغير رضا :
-إنت إتسرعت يا سفيان . 3 مليون دولار كتير أوي علي بنت الـ××× دي
سفيان بهدوء مستفز : مش كتير و لا حاجة .. بنتي عندي أغلي من كنوز الدنيا . و لا كنت عايزني أسيبها لها !
سامح : أنا ماقولتش كده . بس بالعقل
المحكمة كانت كده كده هتحكملك إنت بالحضانة يبقي كان إيه لازمته إللي عملته ده ؟!
سفيان بجدية : أنا فكرت في بنتي . بدل ما أعرضها للمواقف دي و أوقفها في محاكم بيني و بين أمها إشتريت راحتها و نفسيتها بالفلوس . عادي أومال أنا بعمل الفلوس دي كلها لمين ؟ ما كله ليها يا سامح و المبلغ ده مش كبير أوي يعني
سامح : 3 مليـــوون دولار مبلغ مش كبيــر !!!
سفيان : تغور بيهم . المهم بنتي زي ما قولتلك و إللي عندي كتير بردو . أنت المحامي بتاعي و عارف ثروتي أد إيه
سامح : بس آ ..
-مابسش .. قاطعه “سفيان” بصرامة ، و أكمل :
-أنا دفعت 3 مليون دولار إنهاردة و رجعت بنتي لحضني . أحسن ما كنت هستني إسبوع لحد ما المحكمة تحكملي
الصفقة كسبانة يا سامح مش خسارنة و إحنا كلنا راجعين علي مصر إنهاردة . ماكملناش هنا 24 ساعة
زم “سامح” شفتاه متعجبا ، لكنه قال بإستسلام :
-و الله إللي إنت شايفه . من حكم في ما له ما ظلم
و هنا هدر نداء الرحلة عبر مكبرات الصوت …
توجه “سفيان” نحو إبنته و علي وجهه إبتسامة مشرقة ، ليتبعه “سامح” مزدردا ريقه بتوتر .. فكلما وقعت عيناه علي تلك المخلوقة يرتبك بداخله بشكل لا يطاق
حيث تغدو تصرفاته و مشاعره مفضوحة ، و لكن عليه أن يتحكم بنفسه و يتوخ الحذر ، فهذه ليست كأي فتاة
إنها فتاة “سفيـان الداغـر” …………… !!!!!!!!!!
يتبــــع ….

الفصل الرابع

~¤ تمييز ! ¤~
صباح يوم جديد … و تستعد “يارا” لبدء العمل الذي أتت من أجله
تركت الفندق الذي نزلت به ، و ركبت السيارة التي بعثت لها خصيصا بتوصية من المأمور و وصلت إلي مسرح الجريمة
دوار عمدة كفر الدواغرة .. “منصور الداغر” …
إلتقطت عدة صور للمنزل من الخارج و من مختلف الزوايا ، ثم أمسكت بالمسجل خاصتها و شغلته و أخذت تصف المكان و هي تلج إلي الداخل
أخذت جولة في الطابق السفلي ، ثم صعدت إلي غرفة القتيل … كانت حالها ، لم يلمس أحد أي شئ و هو الأمر الذي شدد عليه الضابط الذي يرافقها
حذرها بالإحتراس بأن تمس يدها أي شئ ، فأطاعت و واصلت عملها بروية و هدوء ..
صورت كل ركن بالغرفة
الفراش الفوضوي ، و النافذة المفتوحة ، و متعلقات القتيل ، علاجه و نظارته الطبية و عكازه و الكرسي المتحرك الذي كان يستخدمه
ثم جاءت عند البقعة المحظورة …
الكرسي الذي وجدوا عليه جثة “منصور الداغر” مكبلة بالحبال بعد أن تلق رصاصة في رأسه أردته قتيلا
أمسكت “يارا” بالكاميرا و قربت العدسة من الكرسي المنداحة فوقه الدماء ، دماء داكنة … متجلطة ، ثم إلتقطت أول صورة
……………..
-صباح الخير يافندم ! .. قالتها “يارا” و هي تقف عند باب مكتب المأمور
ينظر الرجل الأربعيني نحوها و يهتف بترحاب :
-أهلا و سهلا يا أستاذة . نورتينا تاني إتفضلي
إبتسمت “يارا” و دخلت
جلست أمامه فسألها : ها كله ماشي تمام و لا إيه ؟ خلصتي شغلك و لا لسا و مش محتاجة مساعدة ؟
يارا : متشكرة جدا يافندم حضرتك وفرت عليا كتير جدا
يعني بالشكل ده أنا همشي إنهاردة إن شاء الله
المأمور مداعبا : يآااه بسرعة كده !
إحنا لسا ماشبعناش منك و مش كل يوم مصر بتبعتلنا الحلويات دي
يارا بإبتسامة متكلفة :
-معلش بقي هبقي أعملكم زيارة قريب .. ثم قالت :
-المهم أنا كنت محتاجة نسخة من التحقيقات زي ما قلت لحضرتك إمبارح و كمان عايزة عنوان إبن أخو المجني عليه في القاهرة
المأمور بدهشة : و عايزة عنوانه ليه يا أستاذة ؟
يارا : عايزة عنوانه عشان أروح أعمل تحقيق صحفي معاه المقالة لازم تبقي كاملة يافندم
المأمور بتردد : مش عارف !
يارا : مش عارف إيه حضرتك ؟!
المأمور : مش عارف مسموحلي أديكي العنوان و لا لأ
يارا : يافندم هو عنوان وزير الداخلية !!
ده مواطن عادي و أنا صحفية و هيبقي معايا تصريح من الجريدة
صمت المأمور لبرهة ، ثم قال موافقا :
-ماشي . هكتبلك العنوان دلوقتي .. و أمسك بالورقة و القلم و بدأ بتدوين العنوان
يارا بإبتسامة نصر :
-ميرسي أوي !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في مطار القاهرة …
كانت “ميرا” متآبطة ذراع والدها .. عندما خرجوا جميعا إلي صالة الإستقبال ، لترى والدها يلوح ييده مشيرا إلي شخصا ما
نظرت حيث ينظر فوجدت إمرأة سمراء ، متناسقة القوام ، تشبه أبيها إلي حد كبير و لكن تبدو أكبر سنا منه قليلا ، علي وجهها مسحة جمال و كان الذكاء يشع من عيتيها البنيتين ..
أقبلت عليهم مبتسمة و متلهفة في آن
تفاجأت “ميرا” حين رمت المرأة ذراعيها حولها و جذبتها إلي حضنها
نظرت إلي والدها بإرتياب ، فإبتسم “سفيان” و قال لها :
-ماتخافيش يا ميرا . دي عمتك وفاء .. تبقي أختي يعني
وفاء و هي تنظر لها بحبور شديد :
-إيه يا حبيبتي إنتي مش فكراني ؟ أنا عمتو وفاء . ده أنا كنت بشيلك و إنتي صغيرة
سفيان بسخرية : كان عندها سنتين هتفتكرك إزاي يا وفاء
وفاء و هي تضحك :
-عندك حق و الله .. و أكملت بفرح :
-بس ما شاء الله كبرتي و بقيتي عروسة ده أنا كان نفسك أشوفك أوووي
ميرا برقتها المعهودة :
-Thanks , أنا كمان مبسوطة كتير آشان ( عشان ) شوفتك
و هنا لاحظت “وفاء” مرافق أخيها و إبنته
نظرت إلي “سامح” و قالت و هي تسبل جفناها بشئ من الخجل :
-إزيك يا سامح ؟
سامح : تمام يا وفاء هانم الحمدلله
إزي حضرتك ؟
وفاء : كويسة الحمدلله .. إنت هتيجي تتعشا معانا بقي أنا طابخة إنهاردة بنفسي بمناسبة وصول ميرا
سامح و هو ينظر إلي “ميرا” بتيه :
-طبعا . طبعا جاي .. و أدرك نفسه بسرعة
ليحاوط “سفيان” خصر إبنته بذراعه و يقول :
-طيب يلا بينا من هنا . أنا تعبان علي الأخر و بقالي ليلتين مانمتش !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
نزلت “يارا” من القطار … إلي رصيف المدينة القاهرية الأصيلة
رغم أنها غابت ليوم واحد و لكنها شعرت بالغربة ، الآن فقط غمرتها الراحة و السكينة
إتصلت برئيسها قبل أي شئ ..
يارا : أيوه يا أستاذ شكري . أنا وصلت
شكري : عملتي إيه يا يارا ؟؟؟
يارا بتفاخر : كله تمام يا ريس هشرفك ماتقلقش
شكري : أهم حاجة الشواهد و الإثبتات إحنا مش عايزين نقدم سبق صحفي و بس إحنا عايزين نقدم أدلة
يارا : إطمن أنا عملت شغل واثقة إنه هيعجبك أوي
بس فاضلي خطوة صغيرة
شكري : إيه هي ؟
يارا : قبل ما أجي طلبت عنوان … و حكت له ما حدث
شكري : بتقـــوولي إيــــه ؟؟؟ إنتي إتجننتي يا أستاذة !!
تصريح إيه إللي هتاخديه من الجريدة من إمتي الصحافة بيبقي معاهم تصاريح خارج المؤسسات المهمة ؟
و بعدين الراجل إللي عايزة تروحيله ده معروف ده من أكبر رجال الأعمال في البلد و العالم كله إوعي تتجنني و تروحيله أنا بحذرك
يارا بعبوس : الله ! ده ماكنش كلامك ليا يا ريس
مش إنت إللي قولتلي الصحفي الناجح بيبقي قلبه ميت و حتي لو ست بتبقي بـ100 راجل ؟!
شكري : أيوه قلت كده بس كل حاجة و ليها حدود
روحي علي بيتك يا يارا و بكره الصبح لينا كلام . هنرتب مع بعض لنشر الأخبار إللي جبتيها و ممكن نتواصل مع سفيان الداغر لو وافق يمدنا بأي معلومات هبعتك له . لو ماوافقش يبقي تنسي مفهـــوووم ؟؟؟؟
يارا بإمتعاض : مفهوم !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في ڤيلا آل”داغر” …
كانت “ميرا” بغرفتها ، تقف أمام الخزانة الملأى بالثياب مشدوهة .. ظلت هكذا حتي دق الباب و وجدت عمتها تلج إليها
-حبيبة قلبي جهزتي ! .. قالتها “وفاء” بإبتسامة ودية
نظرت “ميرا” لها و قالت :
-أنطي وفاء !
مين جاب كل الهدوم دي ؟؟!!
وفاء و هي تقترب منها :
-أنا يا حبيبتي إللي نزلت و جبتلك كل الحاجات دي .. و أكملت بقلق :
-إيه مش عجبينك !!
ميرا : لا لا I like it
هلوين ( حلوين ) أوي Don’t worry . بس أستغربت مش أكتر
وفاء بإبتسامة : لأ يا حبيبتي إزاي . ده أنا كان الود ودي أشتريلك الدنيا بحالها . أول ما أبوكي قالي هجبها تعيش معانا هنا الفرحة ماكانتش سايعاني
أوام بقي جهزتلك الأوضة دي و نزلت أجبلك لبس و كل حاجة ممكن تحتاجيها . صحيح عجبتك أوضتك ؟
ميرا برقة : So Pretty . أنا مش آرفة ( عارفة ) أقولك إيه !
وفاء : ماتقوليش أي حاجة .. ده بيتك يا حبيبتي و بيت أبوكي أنا هنا ضيفة
ميرا : إنتي هبيبتي ( حبيبتي ) .. و إحتضنتها
ضحكت “وفاء” و قالت :
-لينا قاعدة مع بعض بردو عشان أظبطلك عوجت اللسان دي
قوليلي صحيح إنتي إتعلمتي عربي إزاي ؟
ميرا و هي تنظر لها :
-من علي الإنترنت . و عندي صحاب آرب ( عرب ) و كمان كنت بتكلم مع دادي Chatting كتير
وفاء بإعجاب : كمان بتعرفي تكتبي عربي ؟
أومأت “ميرا” بالإيجاب
وفاء : شطوورة يا روحي
طيب يلا بقي إلبسي عشان العشا جهز و أنكل سامح وصل
ميرا : دادي صهي ( صحي ) ؟
وفاء : أيوه يا حبيبتي لسا سايباه بيلبس هو كمان . يلا بقي قدامك 10 دقايق بالظبط .. و خرجت
لتعود “ميرا” إلي خزانتها …
إختارت فستانا رياضيا و إنتعلت خف عملي ، ثم خرجت و ذهبت إلي غرفة أبيها
دقت علي الباب ، ثم فتحته قليلا ..
-دادي ! .. قالتها “ميرا” بلهجة كمن يستأذن
إلتفت “سفيان” إليها و قد كان يمشط خصلات شعره الناعم :
-حبيبتي .. تعالي … و فتح لها ذراعاه
مشت “ميرا” ناحيته مبتسمة ، و رست بهدوء في أحضانه
سفيان و هو يمسد علي شعرها :
-إيه القمر ده ؟ معقول أنا عندي بنت بالجمال ده كله !!
ميرا و هي تضحك :
-إنت كمان هلو ( حلو ) Mr سـُفيان
ضمها “سفيان” أكثر كأنه يعوض سنوات العجاف و الحرمان منها ، ثم قال :
-Mr سفيان من إنهاردة تحت أمرك يا برنسيس . مالي و أملاكي كلها هحطها تحت رجليكي . أنا مش عايش أصلا غير ليكي .. إنتي كل حياتي يا ميرا
نظرت “ميرا” له و إبتسمت بحب …
لتلحظ شيئا إتسعت له عيناها الزقاوتان :
-OMG !!
سفيان بإستغراب : مالك يا حبيبتي ؟!
ميرا و هي تفك أزار قميصه العلوية :
-impossible .. دآادي إنت آمل ( عامل ) تاتو !
سفيان بتلك الإبتسامة التي لا يمنحها إلا لها هي فقط :
-إسمـك ! و أشار إلي حروف إسمها التي نقشت باللغة السريانية
علي صدره ، فوق موضع قلبه مباشرةً …….. !!!!!!!!!!!!
يتبــــع …

الفصل الخامس

~¤ غزال ! ¤~
تستيقظ “يارا” في الصباح التالي في ساعة أبكر من المعتاد
تقوم بتجهيز حقيبة ظهرها الصغيرة ، ثم ترتدي ملابسها الفلكلورية المؤلفة من قميص أبيض مشحوذا عند منطقة الصدر مما أعطاها مظهرا مثيرا ، و بنطلون من الچينز الداكن
أسدلت شعرها الفاحم الطويل و تركته حرا علي ظهرها ، ثم إنتعلت حذاءً رياضيا من العلامة التجارية Gucci ..
أخذت هاتفهها و خرجت من غرفتها ، وجدت أمها تضع الفطور علي المائدة
قبلتها علي خدها قبلة الصباح
لتنظر “ميرڤت” لها و تقول بدهشة :
-إيه يابنتي صاحية بدري أوي إنهاردة ليه ؟
يارا و هي تصنع سندويشا لنفسها :
-أصل عندي مشوار مهم لازم أعمله قبل أروح الجرنال
ميرڤت : مشوار إيه ده يعني إللي يصحيكي بدري كده ؟ و فين ؟!
يارا : مشوار و خلاص يا ماما . و لازم أمشي حالا عشان ألحق أخلص الشغل المتعلق ده .. و أكملت و هي تقضم من السندويش :
-يلا بقي سلام يا ميرفت . إبقي إعمليلي ورق عنب علي الغدا
ميرڤت بتذمر : أنا فاضية بقي أعمل محشي دي شغلانة زرقة
ضحكت “يارا” و قالت :
-طيب خلاص خليها مكرونة بشاميل
يلا باي
و إنطلقت خارجة من المنزل …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في ڤيلا آل”داغر” …
كانت “ميرا” بالحديقة ، تجلس علي الأرجوحة بثياب الفروسية .. بدت نافذة الصبر و هي تعبث في شعرها الذهبي بأناملها الرقيقة
لترتعد فرائصها حين شعرت بمن يدفع بالأرجوحة فجأة ..
إلتفتت ، لترى “سامح” يقف خلفها مبتسما
ردت له الإبتسامة و قالت :
-Good Morning أنكل سامه ( سامح )
سامح برقة : صباح الفل و الورد عليكي يا قمر . عاملة إيه يا ميرا
ميرا : كويسة , Thanks
سامح : أومال فين باباكي ؟
ميرا : دادي فوق بيلبس . أصله وآدني (وعدني ) يآلمني ( يعلمني ) ركوب الـHorses
سامح : وااااو . لأ و أبوكي بصراحة Good Teacher في موضوع الخيل ده .. و أكمل بشئ من التردد :
-طيب ممكن أقعد معاكي لحد ما ينزل ؟!
ميرا و هي تفسح له قليلا :
-Sure !
جلس “سامح” بجوارها و باشر في هز الأرجوحة بقدميه ، ثم قال :
-قوليلي يا ميرا .. و إنتي في أمريكا . ماكنتيش مصاحبة ولد من سنك أو زميلك في المدرسة مثلا ؟؟؟
عقدت “ميرا” حاجبيها بغرابة و قالت :
-أكيد يا أنكل . كان آندي ( كتير ) مش واهد ( واحد ) بس
سامح بذهول : معقول !
كنتي بتحبي كذا واحد في نفس الوقت ؟؟!!
ميرا و قد أدركت ما يرمي إليه :
-لا إنت فهمت إيه ؟ إنت قصدك My Boyfriend ؟
سامح بترقب : أيوه !
ميرا بخجل ممزوج بالدلال :
-كان في .. إسمه كريس
سامح بإهتمام : لسا بتكلموا بعض ؟؟؟
ميرا بحزن : No
سامح : ليه ؟!
ميرا : ما أنا قلت لدادي آنه ( عنه ) قالي لازم أسيبه آشان ( عشان ) لو هبيت ( حبيت ) أتجوزه لازم يغير دينه و هو Noway يآمل ( يعمل ) كده
أومأ “سامح” بتفهم و قال بإبتسامة ذات مغزي :
-في كل الأحوال إنتي بنوتة زي القمر . و ألف راجل يتمناكي
نظرت “ميرا” له و قالت بإمتنان :
-Thank you , إنت لطيف أوي يا أنكل
سامح و قد تلاشت إبتسامته :
-ما بلاش أنكل دي .. أنا بقولك ميرا منغير حاجة إنتي كمان قوليلي سامح عادي
ميرا و هي تضحك :
-أوك يا سامه ( سامح )
سامح و هو يتفرس في ملامحها و تفاصيلها :
-أيوه كده . طالعة من بؤك زي العسل
و كانت قوى مجهولة تدفعه من الداخل ليقترب منها أكثر و يفعل أشياءً محظورة …
لكن صوت صديقه جمده فجأة و مسح الفكرة من رأسه تماما ..
-ميـــرا . إنتي فين يا حبيبتي ! .. هتف “سفيان” من مكان قريب
لتصيح “ميرا” بصوتها الموسيقي :
-دآااااااااادي . أنا هنـــا
يظهر “سفيان” من بين الأشجار متتبعا صوت إبنته .. و تختفي إبتسامته كما لو أنها نور و أنطفأ عندما شاهد صديقه يجلس مع “ميرا” ..
لقد تفاجأ ، فلم يخبره “سامح” أنه سيأتي الآن
مشي “سفيان” ناحيتهما و هو يقول بصوته العميق :
-أهلا يا سامح . خير إيه إللي جابك علي الصبح كده !!
إبتسم “سامح” مغالبا إرتباكه :
-إنت علطول بتستقبلني إستقبالات ناشفة كده ؟
عموما أنا كنت جاي أبلغك خبر بخصوص ميرا
سفيان و قد تحفز وجهه متخذا تعابيره الشيطانية :
-خير ؟ يخص أمها ؟؟!!
سامح : لالالا أبدا . ده بخصوص المدرسة
مش إنت قولتلي أحول أوراقها لمدرسة زي مدرستها إللي كانت فيها في أمريكا ؟ أنا وديت الورق مدرسة إسمها آون هليوبوليس في المنطقة الخامسة عند الشيراتون كده
سفيان : طيب .. تمام كده . هي الدراسة لسا مابدأتش أصلا صح ؟
سامح : أيوه لسا
سفيان : حلو . عشان تقضي معايا وقت قبل ما تنشغل بالمذاكرة .. و نظر إلي إبنته راسما تلك الإبتسامة الخاصة بها
إبتسمت “ميرا” أيضا و إرتمت عليه قائلة :
-دادي فين الـHorses إللي قولتلي عليها ؟؟؟
سفيان بلطف : حالا يا حبيبتي أهو مش شايفاني لابس و مجهز نفسي !
ميرا بحماسة :طيب بجد هتديني الهصان ( الحصان ) الإسود إللي قولتلي آليه ( عليه ) ؟؟؟
سفيان : شوفي . الإسطبل و الڤيلا كلها و صاحب الڤيلا خاتم في صباعك .. كل إللي حواليكي ده ملكك إنتي و لو أطول أجبلك الدنيا كلها مش هتأخر
إحتضنته “ميرا” بقوة ، ثم طبعت قبلة مطولة علي خده و قالت بسعادة :
-I love you دادي .. و Really أنا مبسوطة كتيييير إني مآك ( معاك ) هنا
سفيان و هو يمسح علي شعرها بحنان :
-قولتلك قبل كده .. إنتي حياتي . إنتي إختصار كل سنين عمري إللي فاتت . إنتي أحسن حاجة حصلتلي !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
تركن “يارا” سيارتها علي بعد مسافة قليلة من ڤيلا “سفيان الداغر” … تترجل آخدة أشيائها
و تمشي بمحاذاة السور بهدوء حتي لا تلفت إليها الأنظار ، فكما علمت المنزل مدجج بالحراسة … أخرجت الكاميرا خاصتها و بدأت تصوير
إلتقطت عدة صور لوجهات الڤيلا الأربع ، و في خضم تركيزها لم تنتبه لذاك الحارس الذي تسلل و قبض عليها فجأة كالأسد حين ينقض علي غزال ..
-إنتي مــــين ؟؟؟ .. قالها الحارس بصوته الخشن
يارا و هي تحاول إفلات رسغها الصغير من قبضته الحديدية :
-آ إووووعي . إووعي بقولك سيب إيدي إنت مجنون و لا إيــه ؟؟؟!!
الحارس : ده إنتي المجنونة يا شاطرة . جاية و بتحومي عادي كده حوالين الڤيلا . نهارك إسود . إنتي ماتعرفيش ده بيت مين ؟ و كنتي بتصوري إيه ؟ وريني كده
و إنتزع الكاميرا من يدها بالقوة وسط إحتجاجها العنيف :
-سيــــب الكاميــرآااا .. إنت يا حيـــوآان
ده أنا هاوديك في ستين داهيـــة
الحارس بسخرية : ده إنتي إللي مش هتخرجي من هنا سليمة .. ده لو خرجتي أصلا !
………………………
قبل أن يسمح “سفيان” لإبنته بأن تمتطي الخيل
تأكد أولا من تطابق مزاج الحصان مع مهارة “ميرا” المتواضعة ، و جعلها تداعب رأسه قليلا حتي يتألف معها و يصبح التعامل بينهما آمنا
إختارت “ميرا” الفرس الأسود ، المفضل لدي والدها و يدعى “حيدر” و هو إسم من أسماء الأسد يدل علي قوته و مهارته
ساعد “سفيان” إبنته علي ركوب الجواد ، حيث رفعها بذراعه المفتول بمنتهي السهولة و أجلسها علي السرج و هو يرشدها بأن تضع يدها اليسرى علي الكتف الأيسر و أن تستولى علي رقبته بإستخدام اليد اليسري أيضا ..
رفع “سفيان” قدمها مرتين في الهواء بهدف إرجاع جسمها للخلف ، ثم أمسك باللجام و وضعها بيديها قائلا :
-ميرا . Relax .. سيبي جسمك خالص و إوعي تتوتري
ميرا بخوف شديد :
-دادي .. أنا . أنا خايفة أووووي
سفيان بصرامة : ماتخافيش . هتتعودي .. أهم حاجة تبقي هادية . و إفردي ضهرك .. أيوه كده
لأ كده غلط . ماتضغطيش برجليكي حوالين الفرس عشان مايجريش بيكي أو يمشي . خففي نفسك . براڤو
إمسكي اللجام بقي .. حركي وشه في الإتجاه إللي عايزة تمشي فيه . لأ مش تحركي وشه جامد كده . برآاحة .. شاطرة يا ميرا
إبتسمت “ميرا” بحبور ، ليرد “سفيان” لها الإبتسامة ، ثم يمتطي جواده هو الأخر ..
كان “سامح” يتابعهم من مكانه ، رأي “سفيان” ينحني قليلا ليصفع فرس “ميرا” ليجعله ينطلق
سمع صرختها الملتاعة ، و شاهد “سفيان” يهدئ من روعها و يطمئنها و هما ينطلقان بسرعة عبر المرج الأخضر ،بينما حفنة من الأزهار البيضاء تدور فوق رأسيهما
و هكذا إستمر التريض الصباحي لمدة معينة حددها “سفيان” ثم أعلن عن إنتهاء الجولة الأولى متوقفا في فناء الإصطبل الواسع
نزل عن حصانه بخفة مادا ذراعيه لـ”ميرا” التي قفزت نحوهما مبتسمة مشرقة العينين ..
-إتبسطي يا حبيبتي ؟ .. قالها “سفيان” و هو يحيط خصرها بذراعه
ميرا بإبتسامة عريضة :
-مبسووووووووطة كتيييييير . الـHorse كان جميل أووي و كان بيسمع كلامك !!
سفيان بتفاخر : طبعا . كل ما تكوني واثقة و بتتعاملي مع الفرس بحزم هيطاوعك .. و ده إللي أنا كنت بعلمهولك إنهاردة
و هنا جاء أحد الحرس و قال منكسا رأسه إحتراما لسيده :
-سفيان باشا . عندنا مشكلة علي البوابة و محتاجين سيادتك ……. !!!!!!!!!!
يتبــــع …

الفصل السادس

~¤ محمية طبيعية ! ¤~
كانت “يارا” في أقصي مراحل غضبها حين أمسك بها الحارس الضخم و جرجرها قسرا عنها إلي داخل الڤيلا ..
وضعها بالبدروم و أمرها بالإلتزام الصمت حتي يآتي سيد البيت و يراها
إنفعلت “يارا” عليه و صاحت بعصبية :
-إنت مش من حقك تجبني لحد هنا و تحبسني يا حيوان إنت
قسما بالله لأندمك علي إللي عملته ده إنت و إللي مشغلك هاوديكوا في داهية
الحارس بحدة : إتلمي يابت إنتي أنا ماسك نفسي عليكي بالعافية . إحنا عندنا أوامر ننسف أي حد غريب يقرب من الڤيلا فأشكري ربنا إني سايبك سليمة و حتي ماقومتش بالواجب معاكي
يارا بإستهجان : واجـــب ؟ و ده شكله إيه الواجب بتاعكوا ده إن شاء الله !!
إلتوى ثغر الأخير بإبتسامة شيطانية و قال :
-ماكنش لازم تسألي عن واجبنا .. بس طالما عندك فضول . مش هنكسفك .. ثم إلتفت نحو الباب و صاح :
-جبـآاااالي
ثوان و رأت “يارا” هذا الثور البشري يلج إلي البدروم راسما علي وجهه تعابير أرعبتها … لكنها تجلدت
و قالت متظاهرة بالشجاعة :
-إنت فاكرني هخاف يا بابا !!
لأ أنت ماتعرفش أنا مين و لا ممكن أعمل فيك إيه . أحسنلك تخرجني من هنا دلوقتي حالا بدل ما الموضوع يوسع أكتر من كده . أنا لو ماخرجتش في خلال 10 دقايق هتلاقوا إللي جايين يهدوا البيت ده علي دماغكوا
كانت تكذب لتنجي نفسها ، و لكن الحرس الخاص بـ”سفيان الداغر” جميعهم لديهم مناعة ضد عبارات التهديد و الترهيب ..
إبتسم لها الحارس ، و أشار لرفيقه قائلا :
-جبالي .. الأنسة عايزانا نوجب معاها . شوف شغلك و لما تخلص نادي علي الباقي يجوا يلعبوا معاها شوية
بدأ المدعو “جبالي” بالإقتراب منها ، لتقفز “يارا” للخلف صارخة بذعر شديد :
-مكانك يا حقير إنت . أنا بحذركوا لو حد قرب مني هـ آا ..
-إيه ده في إيــه ؟؟!! .. قالها “سفيان” بصوت خشن عندما ولج و شاهد هذه الجلبة
وزع نظراته علي رجاله و تلك الفتاة الغريبة
ليتخذ الحارس وقفة الخضوع و يقول هو ينظر للأرض :
-سفيان باشا .. مافيش حاجة . إحنا بس لاقينا البنت دي ماسكة كاميرا و بتحوم حوالين الڤيلا فمسكناها و جبناها عشان سيادتك تشوفها
سفيان بحدة : و إيه إللي دخلكوا إنتوا الإتنين معاها ؟ من إمتي حد هنا بيتصرف من دماغه ؟؟؟
الحارس : إحنا آسفين يا باشا . كده كده بعتنا مسعد يبلغ حضرتك محدش إتصرف من دماغه و الله مانقدرش
سفيان : طيب إتفضلوا برا . و بردو حسابنا لسا ماخلصش
خرجا الرفيقين دون التفوه بكلمة .. لتزدرد “يارا” ريقها بتوتر و هي تحملق في ذاك الرجل الذي تحيط به هالة مهيبة عجيبة جدا
كان يرتدي ثياب الفروسية ، السروال الطويل ، و القميص الأبيض ، و الجزمة الجلدية ذات الرقبة العالية
و كان العرق ينداح من رأسه ملصقا بعض خصيلات شعره الناعمة علي جبينه الأسمر
نظر “سفيان” لها بعينيه الحادتين ، تفحصها من أعلي رأسها إلي أخمص قدميها .. شكلها لا يوحي بالخطر
كانت في تقييمه فتاة عادية ، رؤيته أنبأته بأنها ليست نذير شؤوم ، بل أنها أنثي مثيرة ، مثيرة جدا و لها جسد يربك العزيمة و يشعل الخيال …
……………………………
صعدت “ميرا” إلي غرفتها لتأخذ حماما و تركت “سامح” وحده يحتسي فنجان القهوة بالحديقة ..
لم ينتبه لإقبال “وفاء” عليه ، بينما مشت الأخيرة نحوه و البسمة تملأ وجهها ، وضعت يدها علي كتفه
لينظر لها فورا و يقول بضيق :
-ماينفعش كده يا وفاء . قولتلك 100 مرة تاخدي بالك من تصرفاتك معايا سفيان مش غبي
نظرت له بحب و قالت برقة :
-وحشتني . بقالي كتير ماشوفتكش و لا قعدت معاك
أنا ماوحشتكش و لا إيه ؟!
سامح و هو يبعد يدها عنه :
-وحشتيني ياستي . بس مش وقته البيت بقي مليان دلوقتي
ماينفعش أي حد يلاحظ علينا حاجة
جلست “وفاء” بجواره و هي تقول :
-ماتخافش . مستحيل حد يشك فينا و بعدين سفيان بيثق فيك جدا مش هيجي في باله إننا علي علاقة ببعض
سامح بسخرية : سفيان بيثق فيا ؟!
سفيان عمره ما وثق في حد و لا عمره هيعملها . إسكتي يا وفاء إنتي ماتعرفيش أخوكي أنا إللي عارف عنه كل حاجة
وفاء : و أنا كمان أعرف عنه حاجات و عارفة إنه ذكي و مش سهل . شيطان يعني .. بس أنا تلميذته بردو و عندي فكرة دماغه ماشية إزاي
سامح بجدية : بردو الحرص واجب . مش لازم نلفت الإنتباه لينا
وفاء بضيق : طيب هنتقابل إمتي ؟ بقولك وحشتني يا سامح
سامح : إصبري شوية أخلص كام حاجة في الشغل و هفضالك يا وفاء
وفاء بلوعة : إمتي بس ؟ إنت بقالك فترة مشغول عني
سامح بإبتسامة متكلفة :
-قريب .. مش هيبقي ورايا غيرك إنتي و بس يا حبيبتي
وفاء بحبور : ربنا مايحرمنيش منك .. ثم قالت بإستغراب :
-صحيح أومال فين سفيان ؟!
سامح : مش عارف . راح عند البوابة يظبط حاجة مع الآمن تقريبا !
……………………………………………………………………….
كان الحر شديدا هنا ، و كان العرق يبلل شعرها عند صدغيها و ينساب حتي رقبتها ببطء أشعرها بأنها تنصهر
و كأن درجة الحرارة هي المشكلة ، لا وجودها مع هذا الشخص الخطير الذي يمثل الخبث بعينه .. كان خطأ عظيم هو مجيئها إلي هنا
إرتعش فكها و هي تواصل النظر إليه بخوف واضح
ليبتسم هو بوداعة شديدة ، ثم يقول بلطف متناهى :
-أنا آسف علي سوء التفاهم إللي حصل
أرجوكي تسامحيني يا أنسة .. بس كان لازم تديني خبر إنك جاية . المكان هنا لا يصلح للإستهلاك الآدمي
هو صحيح إللي ساكنين هنا بني آدمين . بس زي ما بيقولوا الأشياء لا تعكس كل الحقيقة و إقترب برأسه قليلا و أكمل بلهجته الناعمة :
-إنتي هنا في محمية طبيعية . و مش أي حد يقدر يدخل زيك كده
كل إللي هنا همج مالهمش مالكة إلا في إيدي أنا بس .. لكن ماتقلقيش أنا أطيب واحد فيهم
أخذت “يارا” نفس عميق و تكلمت أخيرا :
-أنا كده كده كنت هدخل البيت من بابه . رجالت حضرتك هما إللي مسكوا فيا زي ما أكون حرامية و أو جاية أتهجم عليك .. كانت نبرتها صلبة
سفيان بإبتسامة : أنا فهمت إنك صحافية زي ما قولتيلي و إنك كنتي جاية بخصوص قضية عمي .. كنتي جاية تسأليني عن شوية حاجات !
أنا مش ممانع إطلاقا تواصل الصحافة معايا . بس بالأصول
المفروض كنتي ختي معاد الأول تجنبا للموقف إللي حصلك إنهاردة . ما رجالتي معذروين بردو هما يعرفوكي منين !!
عقدت “يارا” حاجبيها و قالت بلهجة مقتضبة :
-طيب حصل خير . و أنا آسفة إني جيت منغير معاد
و خلاص مش عايزة أعمل تحقيق مع حضرتك
ممكن تخرجني من هنا بقي ؟ عايزة أمشي
سفيان و هو يضحك : ده إنتي زعلانة أوي بقي
لأ و أنا مايرضنيش تخرجي من بيتي زعلانة . دلوقتي حالا هجمع الحرس كلهم . إللي قابلتيه و إللي ماقابلتيهوش و هخليهم كلهم يعتذرولك
يارا : مالوش لزوم . أنا عايزة أمشي بس من فضلك
سفيان و هو يشملها بنظرات جريئة :
-طيب أرجعك إزاي بإيدك فاضية كده ؟ لازم نتفق علي يوم تجيلي و أقعد معاكي نتكلم في إللي إنتي عايزاه
يارا بحدة و قد أزعجتها نظراته :
-إن شاء الله هشوف . خرجني من هنا بقي لو سمحت !
ضحك “سفيان” بمرح و قال :
-حاضر ماتخافيش أوي كده . هتخرجي بالسلامة إطمني .. و أخذ حقيبتها بيد حازمة
يارا بإحتجاج : إيه ده إنت بتعمل إيــه ؟؟!!
أخرج “سفيان” هاتفهها و قال بنبرته الجذابة :
-هرن علي نفسي من عندك عشان أسجل رقمك
و هبقي أكلمك عشان نحدد المعاد سوا .. و غمز لها
نظرت له بصدمة و قالت :
-لأ إنت فاهمني غلط . بص أنا همشي و حضرتك إنسي إني جتلك خالص
سفيان : إهدي شوية . أنا ماعملتش معاكي أي حاجة و واقف مكاني محترم أهو .. و ضحك من جديد
أعاد لها الهاتف بعد أن بعث برقمها إلي هاتفهه ، ثم قال بإبتسامة ودية :
-إتفضلي . و مرة تانية آسف علي الإستقبال البايخ ده
بس أوعدك المرة الجاية هتتبسطي أوي و هثبتلك أد إيه سفيان الداغر لطيف و Gentleman
يارا بإبتسامة باهتة :
-إن شاء الله . عايزة أمشي بقي
واكبها “سفيان” حتي بوابة الڤيلا … رمت “يارا” أفراد الحراسة بنظرارت مزدرية ، لمحها “سفيان” فطلب من الجميع أن يعتذروا لها
فعلوا ما أمروا به و ودعها “سفيان” دون أن يتخلى عن إسلوبه الخبيث و تلميحاته غير المريحة
تنفست “يارا” الصعداء عندما وصلت بأمان إلي سيارتها ..
شغلت المحرك و إنطلقت بعيدا و هي تقول :
-أوووووف .. الحمدلله . مش مصدقة إني خرجت . إيــه بيت الرعب ده ……. !!!!!!!!!!!!!
يتبــــع …

الفصل السابع

~¤ خطر ! ¤~
تصل “يارا” إلي مقر الجريدة …
تذهب إلي مكتب الرئيس مباشرةً ، و تلج بعد أخذ الإذن
إستقبلها “شكري” بإبتسامة مهللة قائلا :
-حمدلله علي السلامة يا ست الكل .. إيه شكل صحتك جت علي رحلة الفيوم . لا لو هتبقي كده أبعتك هناك علطول .. و ضحك بمرح
عقدت “يارا” حاجبيها إستياءً و قالت :
-يعني منظري كده عاجب حضرتك ؟ وشي الأصفر عاجبك أوي يا أستاذ شكري .. ده من ربع ساعة بس كنت قاطعة الخلف
شكري و قد تلاشت إبتسامته :
-ليه خير إيه إللي حصل ؟!
زفرت “يارا” بضيق وجلست أمامه ، ثم بدأت تسرد عليه ما حدث معها بمنزل “سفيان الداغر” …
-نهـــآاااااارك إســووود ! .. صاح “شكري” بغضب شديد و هو يضرب بقبضته علي سطح المكتب ، و تابع :
-إنتي إيه إللي وداكي عنده ؟؟؟ أنا مش حذرتك يا أستاذة ؟ بتتصرفي من دماغك يعني و مش عاملة إعتبار لحد ؟؟؟!!!
يارا بتأفف : من فضلك يافندم وطي صوتك . أنا أعصابي تلفانة أصلا و مش قادرة أتلم علي بعضي من ساعة ما خرجت من بيته
شكري بغلظة : ده إنتي تحمدي ربنا إنك خرجتي أصلا
عارفة لو كان ضرب عليكي و لا كان حد حس بيكي . كمان ممكن تبقي تحت باطه كده و لو إتسأل عنك هيقول و لا شوفتها و كله هيصدق كلامه .. بيت سفيان الداغر الخارج منه مولود و الداخل مفقود يا أستاذة يارا
يارا بإستنكار : و ده ليه بقي إن شاء الله ؟ كان مين حضرته يعني !!
شكري بإنفعال : ده يبقي أكبر تاجر سلاح في بلدك يا أستــاذة
جحظت عيناها بصدمة و قالت :
-بتقول إيه يافندم ؟ و حضرتك عرفت منين
شكري : هو إيه إللي عرفت منين ؟ البلد كلها عارفة يا ماما و الحكومة كمان بس محدش يقدر يهوب ناحيته
يارا : محدش يقدر يهوب ناحيته ليه ؟؟؟؟؟؟؟
شكري بسخرية : بيستثمر في البلد يا أستاذة . نص المشاريع الضخمة بإسمه و شركاتة علامة من علامات الدولة بإختصار يعني السلطة بتتعامل معاه بالسياسة العليا مالهمش دعوة هو بيجيب فلوسه منين أهم حاجة الاستثمارات تفضل مستمرة
صمتت “يارا” عندما أعجزتها الصدمة عن الكلام ..
ليكمل “شكري” بجدية :
-إسمعيني يا يارا . إحنا صحفيين أه . بس لينا حدود .. الناس الكبار دول ماينفعش نلعب معاهم نهائي
أنا هعفيكي من التحقيق ده و هدخل أي حد مكانك . بس إوعديني إنك تبعدي عن سكة سفيان الداغر ده .. إنتي زي بنتي في الأول و في الأخر و أنا مش عايزلك الآذي
الحمدلله أنه سابك تخرجي صدقيني و الله دي معجزة
نظرت له بغير راحة ، لكنها وعدته :
-أوعدك يافندم .. هبعد عن سكته
و ربنا يستر بقي !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
صباح يوم جديد … و تستيقظ “ميرا” من نومها بنشاط
أنه اليوم الداسي الأول بمدرستها الجديدة و الحماسة تملأها بشدة ..
ولجت إلي الحمام ، غسلت وجهها و فرشت أسنانها بقوة
خرجت و إرتدت الزي الرسمي المؤلف من تنورة سوداء قصيرة ، و كنزة حمراء بأكمام طويلة ، ثم إنتعلت حذاء أبيض منخفض و خفيف الوزن
صففت شعرها رافعة إياه علي شكل ذيل حصان ، إستخدمت القليل جدا من أدوات التجميل ، ثم تناولت عطرها الناعم الهادئ .. رشت علي صدرها و حول عنقها
و أخيرا إلتفتت لتأخد حقيبة ظهرها المتوسطة ، و إنطلقت خارجة من الغرفة …
هبطت إلي الأسفل حيث تركت غريزتها تقودها لوالدها .. فدخلت إلي غرفة الطعام ، لتجده جالسا هناك كعادته في كل صباح يقرأ الصحف و المجلات
أشرق وجهه عندما ظهرت أمامه صغيرته الغالية
ألقي بالجريدة جانبا و فتح لها ذراعاه ، لتسرع إليه و تجلس علي قدمه و هي تعانقه بقوة ..
-مش ممكن إيه الصباح الحلو أووي ده ! .. قالها “سفيان” و هو يمسد علي ظهرها بحنان
ميرا برقة : شكرا .. دادي أنا مبسوطة أوووي
سفيان و هو ينظر لها بحب :
-مبسوطة عشان رايحة المدرسة ؟
ميرا : Yeah , و مبسوطة أكتر إني هتآرف ( هتعرف ) آلي ( علي ) New Friends و مصريين كمان زيك
سفيان بإبتسامة : ما إنتي كمان مصرية زيي .. نصك أمريكاني و نصك التاني مصري و لسا لما هتعيشي هنا أكتر هتبقي مصرية صرف . أنا مش مستعجل عليكي و عارف إنك لسا صغيرة و إنك واحدة واحدة هتطبعي بطبع أبوكي
ميرا : أنا نفسي أبقي زيك في كل هاجة ( حاجة ) أصلا .. و قبلته علي خده قبلة شقية مطولة
ضحك “سفيان” و قال :
-طيب خلاص كفاية دلع أحسن مش هخليكي تتحركي من جمبي إنهاردة .. يلا أقعد إفطري و سامح علي وصول هياخدك و يوصلك و يرجعك كمان بعد ما اليوم يخلص لحد ما أجبلك عربية بسواق
إبتسمت “ميرا” و شدت لنفسها كرسي و جلست بجواره ، بدأت تأكل … و بعد قليل لاحظت أمرا
فنظرت لوالدها و قالت بإستغراب :
-هي فين أنطي وفاء ؟!
سفيان و هو يقرب فنجان القهوة من فمه :
-عمتك صحيت من بدري و راحت النادي . مش هتتأخر قبل ما ترجعي إنتي هتكون هنا
و دق هاتفهه في هذه اللحظة …
-ده سامح .. قالها “سفيان” و هو يلقي نظرة علي الشاشة المضيئة ، ثم نظر لإبنته و أردف مبتسما :
-يلا أخرجيله .. و Good Luck يا حبيبتي !
…………………………………………
كان “سامح” ينتظر “ميرا” بسيارته .. عندما تلقي إتصالا من “وفاء”
تآفف بضجر و رد بإقتضاب :
-ألو !
أيوه يا وفاء .. خلاص عرفت إنك وصلتي .. أنا بوصل ميرا للمدرسة .. لأ ياستي مش هتأخر .. مسافة السكة و جايلك
يلا باي .. و أغلق الخط و هو يزفر بضيق
وجد “ميرا” تخرج من باب المنزل و تتجه نحوه باسمة
رد لها الإبتسامة و مد يده ليفتح لها باب السيارة
صعدت بجواره و هي تقول بنبرتها الناعمة :
-Good Morning سامه ( سامح ) !
سامح : صباح الفل يا قمر .. ها عاملة إيه إنهاردة ؟
ميرا : I’m Fine , و إنت ؟
سامح و هو يشملها بنظرات الإعجاب :
-كويس طبعا . طول ما أنا شايفك ببقي كويس
ميرا بإبتسامة : شكرا
سامح : العفو يا حبيبتي . جاهزة لأول يوم في الدراسة ؟
ميرا بحماسة كبيرة :
-أوووي . I’m Ready جدااا
و أثناء حركتها تهدلت خصلة أمامية علي وجهها ، ليسبقها “سامح” و يمد أنامله ليرفع الخصلة خلف أذنها ..
تلكأت حركاته متعمدا ، و لكن “ميرا” لم تظن به سوءاً ، بل أبقت علي إبتسامتها الرقيقة ، بينما كان يمسد علي وجنتها الغضة المخضبة بالحمرة الطبيعية
كاد يستغرق في الأمر ، لولا رائحة الخطر التي تسللت إلي حواسه …
حمحم بإرتباك و سحب يده قائلا بصوت أجش :
-طيب .. نتحرك بقي . إربطي الحزام يا ميرا
إنصاعت له و أحكمت ربط حزام الأمان
ليأخذ نفسا عميقا ، ثم ينطلق بإتجاه المدرسة الخصوصية …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل “يارا” …
كانت نائمة في غرفتها ، و الهاتف لا يكف عن الرنين .. تآففت بضيق شديد و أمسكت به
كان “أحمد” إبن خالتها ، و مشروع خطيبها الإجباري ..
-حسبي الله و نعم الوكيل ! .. قالتها “يارا” بلهجة ناعسة و ضغطت بقوة علي زر الرفض
ثم عادت إلي النوم ..
و هكذا دواليك ، ظل الهاتف يرن بإلحاح مرة تلو المرة تلو المرة .. حتي فاض بها
ردت بإنفعال شديد :
-ألـوووووو يا زرل إنــت
إيه الزن ده عايز مني إيـــــه علي الصبح يا صايع يا سمج . ما تروح تنام و لا شوفلك مصيبة تعملها . أنا زهقت منك يابني آدم ماسكة نفسي بقالي كتير و سايباكوا تهروا في الحوار المقرف ده بس خلاص أنا جبت أخري
مش هتجوزك . سـآاامع يا حيــوآااان يا بتاع البنات إنت ؟ مش. هتجــوووووووزك
-يا ساتر يا رب ! .. قالها صوت مختلف تماما
لتنتفض “يارا” معتدلة و تنظر إلي الرقم و هي تفرك عينيها بقبضتها ..
كان غير معنون بإسم … فوضعت الهاتف علي أذنها ثانيةً و ردت بتلعثم :
-آ آا . مـ مين معايا ؟؟!!
المتصل : أكيد مش إللي مزعلك و هبيتي فيه من شوية
إلا صحيح مين الرزل السمج بتاع البنات ده إللي قولتي مش هتتجوزيه !!
كررت “يارا” و قد بدأ القلق يساورها :
-مين معايـــا ؟؟؟
سمعته يتنهد ، ثم أعلن بصوته القوى الجذاب :
-سفيــان .. سفيـــــان الداغر يا أنسة يارا ……….. !!!!!!!!!!!
يتبـــع …

الفصل الثامن

~¤ غرفة الإعدام ! ¤~
كان بعض الطلاب قد بدأوا يصلون … عندما أوقف “سامح” سيارته أمام بوابة المدرسة الخصوصية
كانت أقرب إلي مشروع إستثماري بحداثة إنشائها و فخامة بنائها ، بدت مثل مجموعة من البيوت المتشابهة تحيط بها الأشجار و الأجمات الخضراء
ينظر “سامح” إلي “ميرا” ليجدها متوترة الأعصاب ، فقال بإبتسامة :
-إيه يا ميرا ! شكلك بقي Nerves كده ليه ؟
فين حماستك ؟!
نظرت “ميرا” له و قالت مغالبة توترها :
-مافيش هاجة ( حاجة ) يا سامه ( سامح ) . I’m Fine , Don’t worry !
سامح بلطف : عموما أنا هبقي معاكي خطوة بخطوة . لو حصل معاكي أي حاجة كلميني هتلاقيني قدامك في خمس دقايق بالظبط . و كمان أول ما تخرجي هكون مستنيكي هنا في نفس المكان
ميرا بإبتسامة رقيقة :
-شكرا .. أوك . أنا هانزل Now
مد “سامح” يده قابضا علي يدها و قال :
-خلي بالك من نفسك !
نظرت “ميرا” إلي يدها المعتقلة بين أصابعه و عقدت حاجبيها بغرابة ، ليتركها “سامح” فورا و يعتذر بإرتباك :
-Sorry , كنت بودعك بس . و معلش أنا نسيت قواعد أوروبا No touching . أنا ضايقتك ؟
ميرا : لأ أبدا . مش مضايقة
إنت مش شخص غريب يا سامه ( سامح )
You’re my father’s friend .. و إبتسمت مؤكدة
رد لها الإبتسامة و قال :
-طيب يلا . إنزلي عشان ماتتأخريش
ميرا : باي
سامح : باي . مع السلامة
و نزلت “ميرا” من السيارة و هي تعلق الحقيبة علي كتفها ..
راقبها “سامح” و هي تمر عبر جهاز كشف المعادن حتي ولجت إلي الداخل و إختفت عن ناظريه
تنهد بعمق ، ثم شغل محرك سيارته و إنطلق شاعرا بالكدر إلي شقته السرية ، حيث يقابل “وفاء” خلسة بها كلما سنحت الفرصة …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
ها هي تكرر نفس موقفها الغبي مرة أخرى و تذهب إليه بقدميها …
و كأن قوى خفية في صوته و إسلوبه أجبرتها علي القيام و إرتداء ملابسها ، ثم الركض إليه فورا … ذاك الخطير المريب
إبتلعت “يارا” ريقها بصعوبة و هي تقف أمام هذا المطعم المشهور ، تنظر من خلال الألواح الزجاجية إلي مضيفها الجالس علي طاولة صغيرة بمفرده
رأته هادئا ، يحتسي كوب قهوة ببطء و تلذذ واضح .. رغم أنها تأخرت عن الميعاد نصف ساعة تقريبا ، و لكنه بدا مسترخيا غير عابئ بتأخيرها المتعمد
بللت شفتاها الجافتان بلسانها و أخذت نفس عميق ، ثم مشت صوب باب المطعم …
كان “سفيان” يضع سيجارا بين شفتيه ، عندما شعر بظل ينطرح فوقه .. تطلع ليستكشف ماهيته ، فوجدها أمامه بمظهرها الأنثوي البحت
هكذا يراها مثالا حيا لكلمة ( أ – ن – ث – ي )
كانت ترتدي فستانا ورديا ، ملتصق بها و مبرزا ثناياها المثيرة بوضوح شديد .. تأملها بأعين جريئه
نظر لها و كأنها حصانا يود شرائه ، بل هي كانت في نظره فرسة عربية أصيلة بشعرها الفاحم الحر و بشرتها الغضة و قوامها الممتلئ بتناسق دون شحوم و متناسب جدا
لقد أيقظت هذه الفتاة الرجل الذي بداخله بعد سبات دام لأكثر من عشرة أعوام ، إنها حقا في مأزق فهو لن يعتقها أبدا قبل أن ينول مراده …
-أهلا أهلا . يا صباح الخير يا أنسة يارا ! .. قالها “سفيان” مرحبا
و قام ليصافح “يارا” التي إبتسمت بتردد و قالت :
-صباح النور يا سفيان بيه . إزي حضرتك ؟
سفيان : أنا تمام الحمدلله . نعم ربنا مالهاش أخر .. إتفضلي إقعدي … و أشار لها نحو الكرسي المقابل له
شدت “يارا” الكرسي و جلست بتمهل
جلس “سفيان” هو الأخر و واصل نظراته المتبجحة فيها ، كان يتفرس في كل شئ ، كل تفصيلة بدون أدني خجل
إلي أن رأت عيناه تنزلان ببطء عند فتحة صدر فستانها …
و هنا ضربت الطاولة بكفها لتدرء تلك النظرات عنها ، ثم قالت بإبتسامة صفراء :
-خير يا سفيان بيه .. حضرتك طلبت تقابلني و أديني قدامك أهو . خير ؟؟!!
نظر “سفيان” في عيناها و إبتسم قائلا بنبرته العذبة :
-خير . كل خير يا أنسة يارا .. الأول تشربي إيه ؟
يارا : ممكن عصير فراولة
إستدعي “سفيان” النادل و أسند له طلبها ، ثم عاد لحديثه معها ..
سفيان : أنا كنت قايلك عايزك عشان نكمل كلامنا في مسألة التحقيق
يارا : ده صحيح !
سفيان بإبتسامة معابثة :
-بصراحة ده ماكنش هدفي خالص .. أنا كنت عايز أشوفك و أتكلم معاكي بعيدا عن قضية عمي نهائي لإن دي قصة محسومة من البداية و القاتل مجهول و المعلومات إللي عندي مش مفيدة أوي يعني مالهاش لازمة
يارا بإستغراب : طيب مش فاهمة عاوز تتكلم معايا في إيه حضرتك ؟
صمت قصير … ثم قال “سفيان” :
-بصي يا أنسة .. أنا هقولك بصراحة . إنتي عجتيني جدا من ساعة ما شوفتك . و تقريبا طول الوقت بفكر فيكي
الغريبة إني ماحستش الإحساس ده من زمان أوووي
إني أبقي عايز واحدة بالشكل ده و تبقي مليا خيالي ليل و نهار . أنا عازب بقالي 10 سنين . مادخلتش أي علاقة و لا قربت من ست حتي
عضت “يارا” علي شفتها و أحمـَّر وجهها خجلا ، ليضحك “سفيان” و يستطرد :
-أنا آسف بس أنا قولتلك هكلمك بصراحة
يارا بنفاذ صبر :
-طيب بردو مش فاهمة حضرتك عاوز مني إيه !!
سفيان بإبتسامة هادئة :
-عاوزك .. عاوزك إنتي . و مستعد لشروطك كلها !
……………………………………………………………………….
في شقة “سامح” بحي الزمالك …
تدوى أصوات مطارحة الغرام من جهة غرفة النوم ، تشمل المناجاة و الغزل إلخ … كان لقاء منتظر من قبل “وفاء”
و لكنه لم يكن هكذا بالنسبة إلي “سامح” إطلاقا ، مع ذلك هو يجيد الخداع و هي كالعادة تصدقه ..
بعد قليل عم الهدوء المكان و ساد الصمت تماما .. ليخرج “سامح” في هذه اللحظة و هو يغلق بقية أزار قميصه
خرجت “وفاء” خلفه مرتدية قميص نومها الطويل ، مدت يدها ممسكة بكتفه و هي تقول بحزن :
-معقول عايز تسبني و تمشي بسرعة كده ؟!
سامح : معلش يا وفاء عشان ماتأخرش علي ميرا . ما أنتي عارفة سفيان موصيني و كمان عشان تلحقي تروحي إنتي كمان
وفاء بتبرم : إمتي هخلص من الرقابة الزفت بتاعته دي
أنا نفسي أعيش معاك براحتي بقي . نفسي نبقي مع بعض في النور
إلتفت “سامح” لها و طوقها بذراعيه قائلا :
-هيحصل يا حبيبتي .. قريب الكل هيعرف بعلاقتنا و أولهم سفيان
وفاء : دي أمنية حياتي . أبقي مع الإنسان الوحيد في الدنيا إللي حبيته .. إنت يا سامح
سامح بإبتسامة : ما إحنا مع بعض علطول أهو و منغير أي حاجة . إنتي شوفتيني سبتك ؟ .. ثم قبلها علي خدها و أكمل :
-يلا بقي سلام . ماتنسيش مفتاح الشقة بس و إتأكدي إن البلكونات و الشبابيك كلها مقفولة
وفاء بحب : حاضر يا حبيبي ماتشغلش بالك
خلي بالك من نفسك بس
و تبادلا قبلة سريعة ، ثم رحل “سامح” …
……………………………………………………………………….
عند “سفيان” و “يارا” …
لم تنفك عن النظر إليه بدهشة ، حتي و هي ترد :
-إنت . عايز تتجوزني أنا ؟؟!!
سفيان بإبتسامة ساخرة :
-مش أد المقام و لا إيه ؟!
يارا بحرج : لأ . مش قصدي .. أنا أقصد إني ماشوفتكش إلا مرة واحدة بس . إيه إللي صورلك إني ممكن أوافق و أنا ماعرفكش أصلا .. و بعدين آا … و بترت كلامها
سفيان مكررا بإهتمام :
-و بعدين !!
كملي أنا عايز أسمعك
يارا : بصراحة أنا مش حاسة إني ممكن أوافق علي حضرتك .. مش تقليل منك بس أنا سمعت عنك حاجات تخوف
سفيان بهدوء : حاجات زي إيه ؟
يارا بتوتر : يعني .. سمعت إنك أكبر تاجر سلاح في البلد . ده غير إني لما دخلت بيتك شوفت بعيني معاملة غير إنسانية و إنت بنفسك إللي قولتلي بيتك محمية طبيعية و إللي عايشين فيه مش بني آدمين
تفتكر حضرتك بعد كل إللي سمعته و شوفته ممكن أوافق علي شخص بمواصفاتك !
سفيان بثقة : هتوافقي .. أنا مافيش حاجة تعجز قدامي . و إللي أنا عايزه بيكون
يارا بغضب : أستغفر الله . ماتقولش كده من فضلك إنت مجرد إنسان مش إله عشان مافيش حاجة تعجز قدامك
سفيان : حاشا لله طبعا ماقولتش حاجة .. بس هتوافقي يا يارا . أنا حطيتك في دماغي
يارا بإستنكار : غصب يعني !
أنا حرة محدش يقدر يغصبني علي حاجة
سفيان بإبتسامة : لأ إنتي فهمتيني غلط . أنا مش هغصبك
أنا هغتصبك
يارا بصدمة : يا سافل يا حقير يا آا ..
-سافل و حقير و مش متربي .. قاطعها “سفيان” ضاحكا ، و أكمل :
-تحبي أزودلك كمان ؟ أنا موافقك في أي صفة توصفيني بيها
يارا بحنق : إنت حقيقي شيطان زي ما سمعت عنك
إلتوي ثغره بإبتسامته الشيطانية ، و مد رقبته للإمام و قال بجدية :
-أنا أسوأ بكتييييير . أنا ليا قانون لوحدي و محدش يقدر يعديني .. مهما سمعتي عني مش هتوصلك الصورة كاملة . أنا ماليش مثيل . ماعنديش حدود . و بقولك لازم تخافي مني . أكيد هكون لطيف معاكي بس عشان أنا شخص مش مضمون هحددلك فترة في حياتي و بعدها كل واحد في طريقه .. مش هتقل عليكي . بس أنولك و أتمتع بيكي علي كيفي
رمقته بنظرات محتقنة و قالت :
-إنت فعلا بني آدم مش محترم . و تستاهل الحرق ألف مرة و إنت لو أخر راجل علي وجه الأرض مستحيل أتجوزك .. ثم هبت واقفة ، و أردفت بتحد سافر :
-جهز نفسك بقي يا سفيان بيه يا أكبر تاجر سلاح في البلد .. نهايتك علي إيدي أنا . أوعدك إني هاوصلك بنفسي لغرفة الإعدام … باي
و تركته و مضت ذاهبة …
لتتسع إبتسامة “سفيان” و يتنشق الهواء بسعادة غريبة ، فقد أطربته تهديداتها الهزيلة جدا .. حفزته و أعطته دفعة إيجابية كبيرة
تناول سيجاره مجددا و أشعله و هو يدمدم :
-علي رأي الفنان الراحل عبد الحليم حافظ .. و إبتدا إبتدا إبتدا المشوار . و أه يا خوووفي . آه يا خووفي من أخر المشوار آه يا خوفي
و إنفجر ضاحكا بقدر جذب إليه نظرات رواد المطعم ، منها المستنكر ، و المتذمر … و المعجب بجرأة هذا الرجل و ثقته المطلقة ……. !!!!!!!!
يتبــــع …

الفصل التاسع

~¤ صفعات ! ¤~
مرت الأيام عصبية علي “يارا” … صحيح أنه حتي الآن لم يتعرض لها ، لكنه أولد لديها ذعر لا يحتمل
بالرغم من أنها فتاة شجاعة و صاحبة شخصية قوية ..
أصبح هوسا يلاحقها أينما ذهبت ، يخيل إليها أنه سيظهر لها في أي مكان في أي وقت و ينفذ تهديداته ، طوال عمرها لم تخاف أحدا بقدر ما خافت من هذا الرجل
لا تعرف لماذا صدقت وعيده رغم أنها قابلته بإستخفاف و سخرية .. هابته ، و لكنها ما زالت قوية ، لعله ينساها
ربما …
-إنتي لسا نايمة يا يارا !! .. قالتها “ميرڤت” بضيق و هي تلج إلي غرفة إبنتها
-إصحي يابنتي بقينا الضهر . كده هنتأخر علي الغدا و خالتك هتزعل .. و فتحت الستائر ليغمر الضوء المكان
تآففت “يارا” و هي تنقلب في سريرها للجهة الأخري :
-إفففف يا ماما . 100 مرة أقولك مابحبش أروح عند أختك خصوصا لو إبنها الرزل ده هناك
قفلي الستاير الله يرضي عليكي و سبيني أنام شوية إنهاردة أجازتي
ميرڤت بصرامة : لأ مافيش نوم يلا قـووومي . و بعدين كام مرة قولتلك تتكلمي علي إبن خالتك عدل ؟
قامت “يارا” صائحة بنفاذ صبر :
-يا ماما انتي مش بتزهقي خالص ؟ سوري يعني بس الموضوع ده إحنا إتكلمنا فيه كام مرة ؟ إبن خالتي ده زي أخويا و قولتهالك قبل كده . مش هتجوزه ماتحطيش أملك نهائي علي كده عشان مش هيحصل
ميرڤت : طيب قومي . قومي هنروح نزور خالتك و نتغدا معاها أطن دي مافيهاش حاجة
يارا : لأ مافيهاش . بس لو حد فاتحني في الحوار ده و رحمة أبويا لأسيب القاعدة و همشي . مش هعمل إعتبار لحد
ميرڤت بغيظ : ماشي . إتفضلي قومي بقي
زفرت “يارا” بضيق شديد و هي تركل الغطاء بقدمها ، ثم قامت إلي الحمام لتتجهز …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في ڤيلا آل”داغر” …
يجلس “سفيان” مع أخته علي مائدة الغداء .. يقطع شريحة اللحم اللذيذة و يضعها بفمه ، ثم يتبعها بجرعة من مشروب الـwine الأحمر
يلاحظ غياب إبنته عن الغداء فينظر إلي “وفاء” متسائلا :
-الله ! أومال ميرا فين يا وفاء ؟ لسا مارجعتش من المدرسة و لا إيه ؟!
وفاء بإبتسامة : لأ يا حبيبي رجعت من بدري . بس إستأذنت مني و خرجت تقابل صحابها برا
سفيان بدهشة : معقول لحقت تصاحب حد في الفترة القصيرة دي ؟ .. ثم قال بإهتمام :
-طيب قالتلك هتروح فين و هترجع إمتي ؟
وفاء : قالت هتقضي النهار كله برا و هترجع علي بليل كده
سفيان : السواق معاها ؟
وفاء : لأ صحابها عدوا عليها و خدوها و هيرجعوها لحد هنا بردو . ماتقلقش
سفيان : أنا مش قلقان بالعكس .. أنا مبسوط إنها إبتدت تتجاوب مع جو البلد و كمان عرفت تندمج مع الشباب إللي في سنها
وفاء : أنا بفكر نعملها حفلة بمناسبة رجعوها . نقدمها للناس و نعرفها علي صحابنا و معارفنا
سفيان بتفكير : و الله فكرة . طيب شوفي التجهيزات و أنا تحت أمرك .. بس أهم حاجة تحددي يوم في أخر الإسبوع عشان الفترة دي الشغل كتير و بلاقي وقت بالعافية
وفاء : إطمن يا حبيبي هتتبسط مني
و هنا جاء “سامح” و أقبل عليهما بوجه مكفهر غاضبا ..
-أهلا سامح . جيت في وقتك ! .. قالها “سفيان” مرحبا ، و أكمل :
-تعالي إتغدا معانا . وفاء عاملة كانيلوني و تورللي تاكل صوابعك وراهم . تعالي يلا
إبتسمت “وفاء” بخجل ، بينما إزداد تجهم “سامح” و هو يقول بصوت أجش :
-سفيان إنت قاعد هنا رايق و بتتغدا و بتشرب كمان .. يا تري عارف بنتك فين ؟؟؟؟
سفيان و هو يعقد حاجباه بشدة :
-قصدك إيه ؟؟؟ أيوه عارف بنتي فين . مالك إنت داخل عليا حامي كده ليه ؟؟!!
لم يرد عليه ، بل أخرج هاتفهه و عبث به للحظات ، ثم وضعه نصب عيني “سفيان” و هو يقول بخشونة :
-الصورة تريند أول علي Instagram
الكل عرف إنها بنتك و الـComments نازلة زي الكرابيج
بنت أكبر رجل أعمال في مصر متصورة مع شاب بيبوسها . شوف كده الشتايم و الأوصاف القذرة
و لسا ده في خلال ساعة واحدة . أصبر علي بليل
-كلمهــآااااااالي ! .. صاح “سفيان” و هو يهب واقفا بعنف
-إتصلي بيها حــالا
……………………………………………………………………….
في منزل الخالة “سعاد” …
كانت “يارا” تقف في الشرفة بعد تناول الغداء ، فقد ملت من جلستهم النسائية تلك
حتي إبناء خالتها الذكور بدوا كالنساء بكثرة أحاديثم و تدخلهم في كل شئ .. لقد أخذت نفسها الآن و شعرت ببعض الراحة
و لكنها لم تدوم ..
-ريري حبيبة قلبي ! .. قالها “أحمد” هامسا بأذن “يارا” من الخلف
شهقت “يارا” بذعر و إلتفتت إليه
نظرت له و قالت بغضب :
-إيـه التصرفات الطايشة دي يا أستاذ أحمد
ياريت تحترم نفسك و تفتكر إني بنت خالتك عيب مايصحش
أحمد بإبتسامة خبيثة :
-إيه بس مالك ؟ ما إنتي خطيبتي عادي
يارا بنفاد صبر :
-لأ مش خطيبتك و مش عــادي . و أنا بحذرك لو إتعاملت معايا كده تاني هنسي خالص إننا قرايب و هاروح أبلغك عنك . هلبسك تهمة تحرش في 5 دقايق
أحمد بدهشة : الله الله الله .. تهمة تحرش مرة واحدة !
يارا بسخرية : لو تحب أخليها لك علي مرتين
أحمد و هو يضحك :
-دمك خفيف يا ريري . تعالي أقولك حاجة .. و مد ذراعه لاففا إياه حول خصرها
دفعته “يارا” بقوة و هي تهدر بغضب شديد :
-إووووعي يا حيــوآاان .. و صفعته
نظر لها بصدمة و قال :
-بتضربيني بالقلم يا يارا ؟؟؟
يارا بحنق : إنت تستاهل ضرب النار كمان . زي الكلاب
و تجاوزته ماضية إلي الداخل ..
كانت “أمها و خالتها في الطريق إليهما عندما سمعا صوت الشجار المحتدم ، لكنها كانت تندفع بسرعة صوب باب المنزل و لم تتوقف لنداءات أمها ، فإضطرت للركض خلفها
بينما ذهبت “سعاد” لإبنها و سألته :
-إيه يابني إللي حصل عملت إيه لبنت خالتك ؟؟!!
أحمد بنظرات محتقنة :
-أنا علي أخر الزمن بت تضربني بالقلم !
قسما بالله ما هاعديها لها
سعاد بصدمة : ضربتك بالقلم ؟؟؟ ليه عملت لها إيـــه ؟؟؟؟!!
أحمد بعصبية : عملت إللي عملته بنت أختك دي ماينفعش معاها الطيب و ديني لأربيها و مناخيرها إللي رفعاها في السما دي هاجيبها الأرض و هاتشوفي
و تركها متوجها إلي غرفته …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل آل”داغر” …
حل المساء ، بل إنتصف الليل و لم تعود “ميرا” حتي الآن
هاتفهها مغلق و عجزت محاولات “سفيان” في معرفة أين هي ، حاول السيطرة علي غضبه و هو ينظر إلي ساعة البهو الكبيرة ..
كلما مرت العقارب يزداد الغضب أكثر ، يحتقن وجهه و تتقلص عضلات بطنه من الخوف عليها ، فمن يدرى أين أراضيها الآن و ماذا يحدث معها
أراد أن يمسك بأثاث البيت كله و يطوح به في الهواء ، لكنه يكظم غيظه .. لا فائدة من الإنفعال ، لن يأت بنتيجة
أتت “وفاء” في هذه اللحظة و وضعت يدها علي كتفه ..
أدار وجهه إليها و قال مغمض العينين :
-سبيني دلوقتي يا وفاء . مش قادر أتكلم مع حد
وفاء بلطف : إهدا شوية يا حبيبي . زمانها جاية و سامح طمنا قال مش موجودة لا في الإقسام و لا المستشفيات
إحنا بس مش عايزين نعمل شوشرة طالما كويسة و ممكن توصل في أي لحظة
كز “سفيان” علي أسنانه بقوة و قال :
-دي لسا بنت صغيرة . لسا 16 سنة يا وفاء و هنا مش زي أمريكا .. أنا خايف حد يستغلها
وفاء : إن شاء الله مش هيحصل . هترجع بالسلامة ماتقلقش
و هنا دق جرس الباب …
إستدار “سفيان” بلمحة ، بينما إنطلقت الخادمة لتفتح
ظهرت “ميرا” عند المدخل ، كانت ترتدي فستان قرمزي اللون يصل إلي فوق ركبتيها و شعرها المرتب علي الدوام كان فوضوي قليلا الآن
كانت تبتسم ببلاهة و هي تمضي إلي الداخل ، و كانت عمتها تقف بالجهة الأخري محاولة تهدئة شقيقها
لكنه أفلت منها و صاح مستوقفا إبنته :
-ميــــــرا !
جمدت “ميرا” بمكانها ، و إستدارت لمصدر الصوت ببطء ، رفعت ناظريها حتي إلتقيا بعيني والدها ..
إبتسمت برقة و قالت :
-Good evening دادي !
سفيان بجمود : كنتي فين ؟
ميرا : كنت سهرانة . With my friends
زم “سفيان” شفتاه و إقترب من إبنته دون أن يتخلى عن قناع الهدوء المزيف الذي يرتديه حتي لا يفقد أعصابه ..
رفع الهاتف أمام عيناها قائلا :
-مين ده إللي متصورة معاه ؟ و إزاي تنشري صورة زي دي للناس كلها تشوفها ؟ إنتي فاكرة نفسك لسا في أمريكا ؟؟؟ … و إرتفع صوته الآن
ميرا و هي تزفر بضيق :
-دادي بليز .. Be quite
أنا مش آملت ( عملت ) هاجة ( حاجة ) غلط . ده My Boyfriend و مسلم زيي . مش إنت كنت آيز ( عايز ) كده !!
كانت نبرتها متثاقلة قليلا حيث بدت و كأنها إستيقظت من النوم للتو ، ليشك “سفيان” بأمرها
فإجتذبها من مرفقها مزمجرا :
-تعالي هنا !
و تشمم الهواء الخارج من رئتيها ..
-نهـآاارك إسوود .. صاح “سفيان” بغضب شديد :
-إنتي شاربة ؟؟؟؟؟
إنفعلت “ميرا” و هي تسحب يدها من قبضته بقوة :
-let me go .. أيوه شاربة . ما إنت كمان بتشرب !
إحتقنت نظرات “سفيان” و قست تعابير وجهه بشدة ، فلم يشعر بنفسه إلا و هو يرفع كفه عاليا ثم يهوى به علي وجه إبنته بمنتهي العنف …
كانت الصفعة شديدة أردتها أرضا في الحال ، لكن صدمتها كانت أشد
لامست خدها الملتهب و تطلعت لأبيها من خلال دموعها و خصلات شعرها المتهدلة فوق عينيها
رمقته بعدم تصديق و سيطر الغضب عليها و تآكلها
فإنفجرت صارخة : I Hate you . أنا بكرهـــك !
ثم وثبت قائمة و ركضت بسرعة بإتجاه غرفتها ..
-ليه كده يا سفيان ؟! .. قالتها “وفاء” لائمة
ثم أسرعت لتلحق بإبنة أخيها ، بينما زفر “سفيان” أنفاسه بإختناق و أمسك بمزهرية الورود و أطاح بها بإتجاه الحائط
لتسقط شظايا متناثرة ……. !!!!!!!!!
يتبـــــع …

الفصل العاشر

~¤ كراهية ! ¤~
كان “سفيان” يقف أمام غرفة إبنته … مستندا علي درابزون الدرچ ، يستمع إلي بكائها الحار و قلبه يغلي في صدره
لقد عنفها بشدة و لكنها لم تهون عليه ، و بنفس الوقت يود لو يلج و يبرحها ضربا قاسيا .. فمازالت صورتها و الشاب المراهق يقبلها عالقة برأسه
فتاته الصغيرة ، ملاكه ، عمله النظيف ، الشئ الوحيد الذي يستطيع التباهي به أمام الجميع ، مع أول محاولة لإفسادها إستجابت
لكنه لن يسمح بهذا .. لا لها أول لغيرها ، لن تلوث فردوسه الصغيرة طالما هو علي قيد الحياة …
إنفتح باب غرفتها في هذه اللحظة ، فإلتفت “سيفان” بسرعة و مضي صوب الطبيب صائحا :
-طمني يا رأفت !
البت كويسة و لا لأ ؟؟؟
رأفت و هو يغلق الباب بهدوء :
-شششش وطي صوتك شوية يا سفيان بيه . البنت منهارة مش حمل العصبية بتاعتك دي
سفيان بإنفعال : بلا منهارة بلا زفت قووولي فيها إيـــه ؟؟ حصلها حاجة ؟؟؟؟؟؟
رأفت بضيق : يا سيدي بنتك زي الفل . محدش قرب منها و صاغ سليم إطمن
و هنا هدأ “سفيان” نسبيا و إرتخت عضلات جسمه ، لكن ظل صدره يعلو و يهبط من فرط تنفسه العنيف ..
-لازم تهدا شوية .. قالها “رأفت” بجدية ، و أكمل :
-إللي عرفته من وفاء هانم إن البنت طول عمرها عايشة برا
إنت إزاي عايزها تغير نمط حياتها بين يوم و ليلة ؟ مش ممكن ده يحصل بالسرعة دي لازم تديها وقتها و يكون نفسك طويل الطريقة دي ماتنفعش يا سفيان بيه
سفيان بنفاذ صبر :
-و الله أنا ماعرفش إلا الطريقة دي . و هي غصب عنها هتمشي علي مزاجي و إلا و رحمة أمي هقتلها .. كان يتعمد رفع صوته لتسمعه
قطب “رأفت” حاجبيه و قال بغضب :
-إنت همجي دايما حتي مع بنتك ؟ Sorry بس إنت كده مش أب مثالي بالعكس إنت هتخلبها تاخد موقف منك و هتبني بينكوا سور مش هتعرف تعديه أبدا
سفيان بغلظة : مالكش دعوة إنت يا رأفت . دي بنتي و أنا حر فيها أربيها زي ما أنا عايز
رمقه “رأفت” بغيظ و قال بإقتضاب :
-طيب . براحتك .. عموما هي كويسة مافيهاش حاجة لو تكرمت بس متضغطش علي أعصابها عشان نفسيتها مدمرة
عن إذنك ! .. و رحل
لكن “سفيان” لم يأخذ بنصيحته ، بل مشي نحو غرفتها و الشرر يتطاير من عينيه ..
دفع الباب بقوة ، لترتعد “ميرا” المستقرة بأحضان عمتها
أخذت ترتجف كالعصفورة و هي تنظر له بخوف و كراهية في آن ، لقد آلمته تلك النظرات لكنه وضع حجر علي قلبه
و صاح بخشونة و هو يقترب من سريرها :
-إسمعي يابت .. إنتي صحيح بنتي الوحيدة و كل إللي معايا في الأخر هيبقي ملكك لوحدك و قولتلك قبل كده أنا أد إيه بحبك و طلباتك كلها أوامر و أحلامك هحققها لك و مش هخلي في نفسك حاجة . بس لحد شرفي ماعرفش أبويا و ماعنديش عزيز سـآااامعة ؟ لازم تفهمي إنك تبعي أنا مش تبع أمك يعني لو عرفت بعد كده إنك دوقتي الخمرة دي بس أو حد قرب منك تاني مش هرحمك
و حياتك عندي لأقتلك بأيديا و مش هحزن عليكي
إرتفع صوت نشيجها و هطلت دموعها الملتهبة علي خديها كالشلالات
كانت تنتفض و تتقلص بعصبية بين ذراعي “وفاء” … لتصيح الأخيرة بغضب :
-سفيــآااان .. بس خلاص كفاية البنت هتموت من الرعب حرام عليك . إنت عايز تعمل فيها إيه ؟ كفاية عليها إللي عمله الدكتور مش مقدر إنها مخضوضة و جاي تكمل عليها ؟!! من فضلك إطلع برا دلوقتي
تجاهل “سفيان” كلمة أخته و إستطرد بصرامة شديدة :
-من بكرة كل حاجة مسحوبة منك .. مافيش خروج من البيت مافيش مدرسة مافيش موبايل كمان
لما تتعدلي و تمشي علي مزاجي هترجعي تاني بنتي إللي بحبها و بثق فيها . لكن من الساعة دي آبتدا عقابك
you’re punished يعني .. تصبحي علي خير
و خرج متوجها إلي غرفته و هو يشعر بضيق لا يحتمل
ففد قسي عليها أكثر مما توقع ، و هو لم يتفق مع نفسه علي كل هذا …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
مضي إسبوع بعد ذلك و كلا من الأب و إبنته علي حدة …
كانت “ميرا” ملتزمة غرفتها ، و كان “سفيان” مشغولا بأعماله فلم يضنيه الحنين إليها كثيرا
مع أنه عندما يعود كل ليلة إلي البيت تلح عليه نفسه بأن يطرق بابها و يسترضيها ، يعتذر لها و يأخذ بخاطرها ، يحتضنها و يخبرها بأنها تمثل له كل شئ في الحياة
و أنه يحبها كثيرا و يخشى عليها من الهواء
لكن روح الأبوة تغلبت عليه و فضل أن يتركها لفترة قليلة حتي تدرك خطأها بنفسها ، ثم يذهب هو و يصالحها …
………………………
أتي صباح جديد … و إعتزم “سفيان” الخروج من المنزل
ليصطدم بصديقه “سامح” عند البوابة ..
سامح بإستغراب : الله ! رايح فين علي الصبح كده ؟
سفيان بتعجل : عندي مشوار مآجله من فترة لازم أعمله إنهاردة
سامح بفضول : مشوار إيه ده ؟
سفيان بفتور : مالكش دعوة يا سامح
سامح : بقي كده ؟ ماشي
بس كنت جايلك عشان نظبط معاد للجماعة الطلاينة . الناس بتعونا هنا محتاجين شحنة جديدة
سفيان : بعدين يا سامح لما أرجع . مش وقته الكلام ده .. و جاء ليذهب ، فأستوقفه “سامح” :
-طيب إستني .. هي ميرا مش هتروح المدرسة إنهاردة ؟
سفيان بصرامة : لأ
سامح بنفاذ صبر :
-إنت هتفضل محدد إقامتها كده لحد إمتي ؟!
سفيان بجدية : سامح مش هتبقي إنت و وفاء عليا . دي بنتي و محدش عارف مصلحتها غيري . مش عايز رغي كتير بقي .. سلام
و رحل …
ليتنهد “سامح” بإستسلام ، ثم يمضي إلي داخل البيت
لم يجد أحد هنا .. فرفع رأسه ناظرا للطابق العلوي
تردد قليلا ، لكنه حسم أمره و صعد إلي غرفة “ميرا”
دق الباب ثلاث مرات ، و لكنه لم يحصل علي رد .. فإدار المقبض و ورابه قليلا ، ثم أطل برأسه هاتفا :
-ميرا .. أنا سامح . ممكن أدخل ؟
كانت الغرفة مظلمة ، أضأت فجأة و ظهرت “ميرا” في فراشها
إبتسمت و هي تقول بصوتها الرقيق :
-إتفضل سامه ( سامح )
ولج “سامح” و أغلق الباب خلفه ..
-عاملة إيه يا قمر ؟ .. قالها “سامح” مبتسما و هو يجلس علي طرف السرير
ميرا بإبتسامة شاحبة :
-Fine , و إنت ؟
سامح : طول ما إنتي كويسة أنا كويس .. و دقق النظر في وجهها الذابل و قال :
-ميرا إنتي خاسة و شكلك مرهق أووي
إنتي مش بتاكلي و لا إيه ؟!
نظرت “ميرا” له و قالت بحزن :
-مش ليا نفس
سامح بلطف : ليه بس يا قمر ؟ إنتي لسا مضايقة من بابا يعني ؟
ضغطت “ميرا” علي شفتاها بقوة .. تكبح مشاعرها ، لكنها فشلت تماما
تفجرت من عيناها الدموع و إنهمرت بغزارة ، فتقلص وجه “سامح” و هو يقول بجزع :
-لأ . ماتعيطيش بليز .. عشان خاطري !
و مد إبهامه ليزيل دموعها ، فإندفعت بإتجاهه و طوقت عنقه مجهشة بالبكاء ..
تفاجأ “سامح” و إرتبك من قربها الزائد منه ، حاول أن يتصرف بسرعة … فرفع يده و ربت علي ظهرها و هو يقول مغالبا توتره :
-بس .. بس يا حبيبتي . It’s okay
ماتزعليش . كفاية عياط عشان خاطري
ميرا و هي تئن بحرارة :
-دادي بيكرهني .. مش آيزني ( عايزني )
آيز ( عايز ) ميرا تموت يا سامه ( سامح )
سامح : إيه إللي بتقوليه ده يا حبيبتي ؟ مستحيل طبعا باباكي بيحبك . بيحبك جدا كمان و مابيحبش حد غيرك
هو بس زعلان منك شوية
ميرا ببكاء : No , مش بيهبني ( بيحبني )
و أنا خلاص بكرهه
سامح : لأ ماتقوليش كده . ده باباكي يا ميرا عيب .. ثم أبعدها عنه قليلا و أكمل بهدوء :
-سفيان بيحب ميرا . صدقيني I swear إنه مابيحبش حد أدك .. و لا أنا كمان !
ميرا و هي تفرك عينها بقبضتها :
-أنا كمان بهبك ( بحبك ) سامه ( سامح )
You’re so kind .. مش زي دادي
إبتسم “سامح” و حني رأسه مقبلا خدها الرطب بعمق ، ثم همس بجوار أذنها :
-إنتي بقيتي أحلي حاجة في حياتي . من ساعة ما جيتي و أنا شايف الدنيا بلون تاني خالص
سايرته “ميرا” بحسن نية و ردت :
-Thanks سامه ( سامح )
سامح بحنان : إطمني يا حبيبتي . أوعدك إني هكلم سفيان و هخليه يجي يصالحك و هترجعي مدرستك قريب جدا و هتعملي كل إللي أنتي عايزاه
و دخلت “وفاء” في هذه اللحظة …
أسرع “سامح” و تحفظ في جلسته ، رسم علي وجهه تعابير الحزم ، بينما أقبلت “وفاء” نحوهما حاملة صينية الطعام
عقدت حاجبيها و هي تقول بإستغراب :
-الله ! سامح هنا .. محدش قالي
سامح بإبتسامة هادئة :
-أنا لسا واصل من 10 دقايق . إزيك يا وفاء ؟
وفاء بإبتسامة ذات مغزى :
-الحمدلله كويسة . إنت إيه أخبارك ؟ .. و وضعت الصينية علي طاولة قرب السرير
سامح : أنا تمام الحمدلله
وفاء : كويس إنك جيت محتاجة مساعدتك . ميرا بتغلبني في أكلها و مش بترضي تاكل بسهولة أبدا
نظر “سامح” إلي “ميرا” و قال بعتاب :
-ده كلام بردو ؟ لأ لازم تاكلي يا حبيبتي صحتك تتأثر كده
وفاء : قولها
أمسك “سامح” بصحن الحساء و قال :
-ميرا مش هتكسفني و هتاكل من إيدي
صح يا قمر ؟
إبتسمت “ميرا” برقة و أومأت رأسها بالإيجاب
ليرد “سامح” لها الإبتسامة ، ثم يبدأ بإطعامها بيده شاعرا بمتعة لا توصف ، بينما تشجعه المسكينة “وفاء” و هي تجهل نواياه الخفية تماما …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل “يارا” …
تعود من عملها علي نحو الظهيرة ، تجد أمها في إستقبالها بالصالة فتتجه إليها مباشرةً
يارا بتساؤل : في إيه يا ماما ! أول مرة تستعجليني كده إنهاردة حصل إيه ؟؟؟
ميرڤت بحبور كبير :
-حبيبة قلبي . مش هتصدقي .. متقدملك عريس زي الفل لأ و مستقتل عليكي كمان
يارا بضيق شديد :
-تآااااني يا ماما .. إبن أختك الرزل تآاني !!!
ميرڤت : لأ لأ مش أحمد إطمني . واحد تاني خالص
يارا بإستغراب : واحد تاني !
مين ؟؟
ميرڤت بإبتسامة عريضة :
-سفيــان الدآااغـــر . أكيد عارفاه صاحب El Dagheer Holding …. !!!!!!!
يتبــــع …

الفصل الحادي عشر

~¤ أسود ! ¤~
كانت “يارا” تقود سيارتها بسرعة لم تعتادها من قبل …
عندما دق هاتفهها للمرة العاشرة حتي الآن ، و بالطبع هي والدتها .. لم تنفك عن إلحاحها منذ غادرت إبنتها المنزل و هي لا تلوي سوي علي الشر
تآففت “يارا” بضيق و ردت علي أمها :
-ألو يا ماما !
ميرڤت بصوت غاضب :
-إنتي سبتيني و نزلتي علي فين يا بنت ؟ أنا مش كنت بكلمك ؟؟؟!!
يارا بحنق : أنا نزلت و سبتك يا ماما عشان أوقف الشخص ده عند حده . إللي دخل بيتنا من ورايا و قال عايز يحطني أمام الأمر الواقع بس أنا هاوريه و هعرفه أنا مين كويس
ميرڤت : الله يخربيتك هتعملي إيـــه ؟؟؟ إحنا إدينا الراجل كلمة خلاص و عمك قاله إنك موافقة
يارا بعصبية : أنا و عمي هنتحاسب علي الموافقة إللي إخترعها دي بس لما أرجع
دلوقتي إقفلي يا ماما أنا سايقة و مش حلو الإنفعال ده مع سرعة 200 . باي .. و أقفلت الخط
دقائق و وصلت عند ڤيلا آل”داغر” … بيت الرعب كما يحلو لها أن تسميه
ترجلت من سيارتها و مشت نحو البوابة المحفوفة بالحرس
كانت خطواتها مهرولة ، وجهها أحمر كالطماطم و عينيها تقدحان شرارات خطيرة
وقف الحارس الأضخم بوجهها قائلا :
-إيـه يا أنسة علي فين ؟
يارا بحدة : إوعي من طريقي أنا داخلة أقابل إللي مشغلك
الحارس برعونة : داخلة إيه هي واكلة منغير بواب !
و بعدين إيه إللي مشغلك دي ؟ إسمه سفيان باشا الداغر
يارا بإنفعال : البرنس .. الملك . الكونت .. عايـزة أقابلـه
إبتسم الحارس و هو ينظر لها بخبث و قال :
-مش حضرتك بردو إللي كنتي هنا من فترة ؟ عموما سفيان باشا قالنا إنك جاية دلوقتي . جنابه مستنيكي جوا
إتفضلي … و أفسح لها مجالا للدخول
نظرت حياله بقلق ، لكنها دخلت متظاهرة بالحزم و الصرامة ..
واكبها الحارس حتي المدخل ، دق الجرس ، لتفتح الخادمة بعد لحظات
رمقت الضيفة بنظرات مريبة ، ثم نظرت للحارس نظرة ذات مغزي و قالت :
-خير يا أبو زياد ؟
الحارس : دي الأنسة يارا يا حنان
الخادمة و هي تشمل “يارا” بنظرات متفحصة :
-أه طبعا .. أهلا و سهلا بحضرتك . إتفضلي سفيان بيه منتظرك في مكتبه
أوصلتها الخادمة عند مكتب “سفيان” … وقفت أمام الباب لحظة ، فسمعت صوت “سفيان” يقول :
-إدخل !
فتحت الخادمة الباب ثم غادرت ، لتدخل “يارا” و ترى غرفة مرتفعة السقف ، لها نوافذ طويلة و جدران مغطاة بألواح خشبية داكنة ، و رفوف الكتب تحتل القسم الأكبر من الغرفة
لم ترى “يارا” في حياتها كمية كبيرة من الكتب كما تري في هذا المكان الآن ..
و وقعت عيناها عليه
كان معطيا ظهره لها ، رأته يقف عند طاولة متوسطة بغرب الغرفة ، ممسكا بغطاء حوض السمك و بيده الأخري يسقط الطعام في الماء ليطعم سمكاته الصغيرة ..
-كنت متأكد إنك جاية ! .. قالها “سفيان” بصوته الواضح المرتب ، و أكمل :
-علي فكرة والدتك ست لطيفة أوي و مضيافة . أنا تقريبا كلت و شربت من كل حاجة عندكوا . ده غير إن أنا و هي بقينا صحاب و حبايب يعني لما نتجوز و فكرتي تنكدي عليا هي إللي هتجبلي حقي
يارا بنبرة محتدمة :
-نتجوز ! ده عشم إبليس في الجنة
إنت إتجرأت عليا أووي . بس أنا بقي جاية أجيب أخرك
و هنا إلتفت “سفيان” لها ..
-حلو أوي .. قالها مبتسما ، و تابع :
-أنا دايما بحب النهايات السعيدة و أهو تكوني وفرتي عليا كتير
يارا بنظرات محتقنة :
-بس للآسف النهاية دي هتبقي سودة علي دماغك إن شاء الله و مش هتعجبك أبدا
ضحك “سفيان” بقوة و قال و هو مشي ناحيتها :
-أنا بموووت في الغوامق . ماعندكيش فكرة بحب الألوان دي أد إيه .. خصوصا الأسود . مش بيقولوا عليه ملك الألوان ؟
يارا بحدة : إنت عايز مني إيه ؟؟
سفيان : قولتلك أنا عايز منك إيه .. عايز إتجوزك
يارا : ليه ؟ إشمعنا أنا بالذات ؟ ما إنت راجل غني و وسيم و مركزك مرموق يعني أي بنت ممكن تقبلك
ليه أنا ؟؟؟
سفيان : عجبتيني يا يارا . ما أنا كان قدامي بنات العالم طول السنين إللي فاتت . لكن و لا واحدة عرفت تدخل مزاجي زيك .. إنتي فيكي كل المواصفات إللي أنا عايزاها
شكلك و مضمونك و أنا مش هرتاح إلا و إنتي معايا هنا
في بيتي . مراتي
يارا : حتي لو أنا مش عايزاك ؟ حتي لو هتتجوزني و إنت عارف إني مش راضية و مغصوبة ؟؟!!
سفيان : رغبتي فيكي هتتغلب علي أي شعور تاني ممكن أحس بيه . إنتي عارفة أنا بقالي أد إيه مالمستش ست ؟
أحمـَّر وجهها غيظا و قالت :
-لأ ده إنت كده جبلة بقي و ماعندكش دم
بقولك أنا مش عايزاك هتتجوزني بالعافية ؟!
سفيان بإبتسامة : يا حبيبتي و الله إنتي واخدة عني فكرة غلط . أنا مابحبش الغصب .. أنا بحب حاجات تانية أقوي بكتـييييير
زمت شفتاها قائلة بحسم :
-أنا مش هتجوزك لإن الجواز مش بالعافية و عايزاك تبعد عن طريقي من فضلك . كفاية أوي لحد كده
شهقت حين قبض علي رسغها و أخذ يدفعها بإتجاه الحائط ، جحظت عيناها بصدمة و غضب في آن
بينما مد رقبته للأمام ، فضربت أنفاسه الدافئة وجهها و هو يقول بصوت هادئ :
-لأخر مرة يا يارا .. إقبلي الجواز مني بكرامتك أحسن . بدل ما تيجي تطلبي مني بعدين و أنا إللي أرفض
يارا بغضب : إنت بتهددني ؟ بس لازم تعرف إني ما بخافش و إنت مش هتعرف تعمل معايا حاجة
سفيان و هو يضحك :
-قولتلك قبل كده أنا مش محتاج أهددك . أنا عندي إستعداد أفاجئك برد فعلي دلوقتي حالا .. تحبي تجربي ؟
و أخفض رأسه متفرسا في جسدها بجرأة و هو يعض علي شفته السفلي بقوة
يارا و قد أقشعر بدنها خوفا :
-إنت فعلا مجرم . مش معقوول !!
سفيان : ده أنا أغلب من الغلب و الله . طب وحياة بنتي أنا واخد الموضوع بجد و عايزك في الحلال .. أنا غلطان يعني ؟
-بنتك ! .. علقت “يارا” بدهشة
-إنت متجوز و مخلف كمان ؟؟
سفيان بإبتسامة : كنت متجوز و طلقتها من 7 سنين
و أه مخلف . ميرا عندها 16 سنة
فغرت “يارا” فاهها بدهشة مضاعفة ، ليكمل “سفيان” ضاحكا :
-أصلي كنت صغير لما إتجوزت أمها . كنت بدرس في أمريكا و هي كانت زميلتي حبينا بعض و إتجوزنا و خلفت ميرا و أنا عندي 21 سنة و هي دلوقتي عايشة معايا هنا
مدت “يارا” يدها و حاولت دفعه من أمامها و هي تقول :
-كل ده مايهمنيش . أرجوك شيلني من دماغك أنا مابقتش عارفة أمارس حياتي الطبيعية بسببك
إبتعد “سفيان” عن طريقها بإرادته ، ثم قال بجدية تامة :
-مش هشيلك يا يارا . أنا دلوقتي بكلمك بمنتهي الصراحة
لو مش هتجيلي بمزاجك هاجيبك أنا غصب عنك بس ساعتها هتزعلي أوي و أنا مش مسؤول لأني عملت إللي عليا و دخلت البيت من بابه زي ما بيقولوا .. وافقي . إنتي خسرانة إيه ؟ مش يمكن أطلع كويس !
يارا بسخرية : يعني تاجر سلاح زيك هيطلع كويس بقدرة قادر
سفيان : طيب مش كويس .. بس هخليكي برنسيسة . كل إللي إنتي عايزاه هعملهلك
يارا : يعني إنت بتعترف إنك تاجر سلاح
سفيان بإبتسامة مرواغة :
-أنا بتاجر في كل حاجة . بس واضح إن عندك مشكلة شخصية مع السلاح
يارا : دي مش شخصية . دي عامة و الحكم فيها إعدام بدون رأفة
سفيان بثقة : محدش يقدر يعدمني . رأس مالي هو إللي موقف البلد دي علي رجليها منغيري كل حاجة تقع
زراعة ، صناعة ، تجارة .. إنتي ماسمعتيش عن الـDagheer Holding و لا إيه ؟
يارا بتحد : بردو مش هتورط فيك . الدنيا ماخلصتش دورلك علي غيري يا سفيان بيه .. سلام
و إستدارت مغادرة
سفيان بصوت مرتفع بمسحة ضحك :
-إنتي كده إللي إختارتي إتعامل Direct معاكي .. و هو كذلك يا حضرة الصحافية المبجلة …… !!!!!!!!!
يتبــــع …

الفصل الثاني عشر

~¤ حفلة ! ¤~
تولت “وفاء” مهمة الإشراف علي تجهيزات حفل الليلة …
و الذي قرر “سفيان” إقامته بمناسبة عودة إبنته الوحيدة إلي موطن أبيها ، إلي بيتها ، المكان الذي يجب أن تكون فيه دوما وسط عائلتها و بنو عرقها
كانت الشمس مائلة صوب الغروب ، عندما وصل “سامح” إلي ڤيلا آل”داغر” .. قابل “وفاء” بالبهو ، كانت تملي رغباتها علي العمال بتركيز و إنهماك شديدين
ملأت البسمة وجهها حين رأته مقبلا عليها
أصرفت العمال سريعا و وقفت متأهبة لقدومه …
-مساء الخير يا فيفي ! .. قالها “سامح” بإبتسامته الجذابة
وفاء بحب : مساء النور يا سمسم . وحشتني أوووي يا حبيبي
سامح : إنتي كمان وحشتيني .. ثم قال بإهتمام :
-أومال فين أميرتنا الجميلة ؟ حفلة الليلة علي شرفها
وفاء : ميرا فوق بتجهز و معاها الـMake_Up Artist
شوية و هتنزل مع سفيان
سامح : و هو فين سفيان ؟
وفاء : في أوضته بيجهز هو كمان
سامح : هو خلاص إتصالح مع ميرا يعني ؟!
زمت “وفاء” شفتاها و قالت :
-لأ . للأسف لسا
سامح بدهشة : الله ! أومال هيحضروا الحفلة إزاي مع بعض ؟
وفاء : ماعرفش و الله يا سامح . ما إنت عارف سفيان له دماغ لوحده . محدش يعرف هو بيفكر إزاي
سامح بتفهم : أوك . عموما ربنا يستر .. و أكمل مداعبا :
-بس إنتي مش ناوية تجهزي زيهم و لا إيه ؟ مش معقول تحضري الحفلة بالچينز صح ؟!
وفاء بإبتسامة رقيقة :
-لأ يا حبيبي إطمن . أنا طالعة دلوقتي ألبس و أجهز نفسي
هفاجئك . أنا بس كنت براقب حركة العمال و بتأكد إن كل حاجة هنا تمام
سامح : أوك يا حبيبتي .. يلا بقي إطلعي جهزي نفسك
عايز أشوفك أحلي واحدة في الحفلة الليلة دي . عايزك تطلعي أحلي من بنت أخوكي كمان
وفاء و هي تضحك :
-معقول يا سامح . دي ميرا زي القمر أنا هاجي جمبها إيـه ؟
تلفت “سامح” حوله ليتأكد من خلو المكان ، ثم إقترب منها هامسا بحرارة :
-ده إنتي كرباج يا فيفي . ماشوفتش زيك أبداااا . ده إنتي حتتي يابت النظرة ليكي بتخليني آيد نـآااار
كان بدنها يقشعـّـِر بشدة كلما ضربت أنفاسه الساخنة بشرتها و هو يتحدث ..
إبتسمت “وفاء” بخجل و قالت بصوت خفيض :
-عمري إنت يا سامح . بحبك أوووووي
سامح : أنا بحبك أكتر يا روح سامح
يلا بقي إطلعي إجهزي الوقت بيجري
وفاء و هي تسبل جفناها بدلال :
-أوك . See you يا قلبي
سامح بإبتسامة : See you
و صعدت “وفاء” إلي غرفتها ..
إنتظر “سامح” قليلا ، و صعد خلفها قاصدا غرفة “ميرا”
إمتصت السجادة السميكة وقع خطوات قدميه و هو يمشي صوب الغرفة و قلبه يخفق من الإثارة و التوتر … دق علي الباب ثلاث مرات و إنتظر للحظات
فتحت له إمرأة في أواسط العمر ، كانت زينتها صارخة و لباسها مبتذل جدا ، و كاتت تمضغ العلكة بطريقة مستفزة
إنها خبيرة التجميل و لا شك ..
-Hi , Can I help you ! ( أهلا ! أقدر أساعدك )
يبحث “سامح” عن “ميرا” حتي يجدها تجلس هتاك أمام المرآة ، فيبتسم هاتفا :
-ميــرا !
نظرت “ميرا” بإتجاهه و إبتسمت هي الأخري قائلة :
-سامه ( سامح ) .. Come over
سمحت المرأة له بالدخول بعد ترحيب “ميرا” .. ولج “سامح” راسما علي ثغره الإبتسامة الخاصة بـ”ميرا”
إقترب منها و هو يقول :
-إيـه القمر ده يا ناس . معقول في كده يا مورا !!
ردت “ميرا” له الإبتسامة و قالت برقة :
-Thanks , بجد هلوة ( حلوة ) ؟
و قامت لتريه فستانها الزهري القصير المليئ بالورود الصغيرة البارزة …
سامح و هو يلتهمها بعينيه :
-مزززززة مزززة يا حبيبتي
ميرا بإستغراب : what ؟!
سامح معتذرا : أه آسف نسيت إنك ماتعرفيش مصطلحاتنا الدارجة . مزة يا حبيبتي In English بمعني Sexy , Attractive . كده
ميرا : إممم , Okay فهمتك . شكرا تاني
سامح : أنا مش بجاملك يا حبيبتي . إنتي فعلا طالعة حلوة جدا .. و ثبت ناظريه عند تجويف نهديها المبرعمين
لاحظت “ميرا” تحديقه المستمر في منطقتها العلوية ، فقالت :
-What’s wrong , في هاجة ( حاجة ) مش مظبوطة في الـDress ؟؟
سامح و هو مستمرا في تأملها :
-لأ يا حبيبتي كله مظبوط . بس الفستان عريان أووي من فوق . بابا شافه ؟؟؟
ميرا و قد حلت علامات الضيق علي وجهها :
-Yeah , هو إللي إختاره أصلا
سامح : فعلا ؟
طيب كويس
ميرا : any way , أنا خلصت . أقدر أنزل إمتي ؟
سامح بثبات : أنا شايف إنك لسا ماخلصتيش
شعرك و هو سايب أحلي بكتيييير .. و مد يده مزيلا عقصة شعرها
لتنساب الأمواج الذهبية بنعومة و يسر حول كتفيها العاريتين ..
أطلقت الخبيرة سبة غاضبة عندما فعل “سامح” هذا ، بينما ألقت “ميرا” نظرة علي نفسها بالمرآة .. أعجبها الشكل الجديد
فإلتفتت إلي “سامح” قائلة :
-You right , شكلي كده أهلي ( أحلي )
و نظرت للخبيرة مكملة : It’s okay , I like that ( مافيش مشكلة ، أنا حبيت ده )
……………………………………………………………………….
في منزل “يارا” …
تدخل الصالون حاملة صينية المشروبات بين يديها ، ترمق عمها الجالس قبالة أمها علي الآريكة بنظرات محتقنة
تضع الصينية فوق الطاولة بحركة حادة ، لتطلق الأم لسانها في هذه اللحظة :
-شايف عصبيتها يا سامي ؟ أهو من ساعة ما إبتدا الموضوع و هي كده راكبها ستين عفريت . لما هخرج عن شعوري معاها و هاوريها شغلها كويـس
سامي بلهجة هادئة :
-لأ بالهداوة يا ميرڤت . دي يارا عاقلة و عارفة مصلحتها . هي أكيد بتدلع شوية بس ما إنتي عارفة البنات
يارا بحدة : لأ ده مش دلع بنات يا عمي . و لو سمحت يا ريت ماتتكلمش في الموضوع ده إنت خالص لأني علي حسب ما سمعت من ماما حضرتك بلغته علي لساني إني موافقة و ده مش صحيح يعني عيب عليك لما تعمل كده حضرتك مش صغير
ميرڤت بغضب : بنـــــــت . إنتي إتهبلتي و لا إيه ؟ بتغلطي في عمك كمان ؟ قطع لسانك يا قليلة الأدب
-سبيها تتكلم يا ميرڤت .. قالها “سامي” بإبتسامة متسامحة
نظرت “ميرڤت” له و قالت بإنفعال :
-مش سامع كلامها دي مش محترمة
سامي : معلش . نفهمها بالعقل ده جواز بردو و هي عندها حق .. ثم نظر إلي “يارا” و أكمل بجدية :
-بصي يابنتي . أنا كعمك و في مكان أبوكي الله يرحمه و يغفرله لما جه سفيان الداغر هنا يتقدملك ماشوفتش قدامي غير مصلحتك
يارا بإستنكار : مصلحتي مع تاجر سلاح و رئيس عصابات ؟؟!!
ده هو بنفسه مأنكرش إنه كده
سامي : يابنتي دي إشاعات . الراجل سمعته أنضف من الصيني بعد غسيله أنا سألت عليه . يا يارا دي فرصة عمرك الراجل ده هيخليكي ملكة حياتك هتتغير 360 درجة لو إتجوزتيه صدقيني أنا بتمنالك الخير مش الشر
ميرڤت بغيظ : لأ ما هي مش وش نعمة يا سامي . بنت أخوك غاوية فقر زي أمها .. لا مؤاخذة يعني
سامي و هو يضحك :
-و لا يهمك يا ميرڤت . بس أخويا كان بيموت فيكي بردو ماتنكريش
ميرڤت : مش ناكرة بس البت دي غيظاني . الراجل مافيهوش غلطة . شاب و شكله حلو و غني جدا عايزة إيـه أكتر من كده !!!!!
يارا : أنا ماتهمنيش الفلوس . أنا يهمني الراجل إللي هتجوزه و هيبقي أب لأولادي إللي هيشلوا إسمه . لازم أختارلهم أب يفتخروا بيه مش تاجر سلاح سمعته حلوه إنهاردة ممكن بكره تبقي في الطين
سامي : يا حبيبتي لو مش مصدقة كلامي و لسا شكة إنه مش كويس إديله فرصة . فترة خطوبة علي الأقل مش هتخسري حاجة
يارا : يا عمي أنا مش حقل تجاب أنا آا …
-قولنا ياخد فرصته بقي .. قاطعها “سامي” بضيق ، و تابع :
-ماتتعبيش قلبي يا يارا . و قسما بالله أنا مش هأكلك لقمة غصب عنك . لو إتخطبتي و ماستريحتيش أنا بنفسي هنهي لك الموضوع .. عشان خاطري يا حبيبتي
نظرت له بغير رضا و أطلقت زفرة مختنقة مطولة …
……………………………………………………………………….
في ڤيلا آل”داغر” …
كان الإحتفال في ذروته ، و لم تفارق “ميرا” والدها منذ ذهب ليأخذها و ينزلا سويا ليفتتحا الحفل
لم ينبس معها بحرف ، فقط كانت متأبطة ذراعه بصمت و قد رسمت علي ثغرها إبتسامة هادئة ، بينما كان “سفيان” متأنقا ببذلة زرقاء قاتمة أسفلها قميص أسود و ربطة العنق بلون فستان إبنته
بديا معا كنجوم السينما ، من يراهما لا يقول أب و إبنته
السن يبدو غير متباعد نهائيا و المظهر مبهر للغاية
في جهة أخري …
هربت “وفاء” مع “سامح” إلي سرداب صغير بالحديقة الخلفية
حظيت معه بلحظات حميمية ممتعة ، ثم خرجا كلا منهما يهندم ثيابه الفاخرة ..
-بس تصدقي حلو التغيير ده صآاايع أوووي .. قالها “سامح” و هو ينحني صوب “وفاء” و يغمر وجهه في لفائف شعرها
ضحكت “وفاء” و قالت بغنج :
-إبقي تعالي كل يوم يا حبيبي . بس يلا بينا بسرعة أحسن حد ياخد باله من غيابنا
سامح : ماتخافيش الحفلة مليانة حيتان مهمين و أخوكي مشغول معاهم لشوشته . مش هياخد باله من حاجة
وفاء و هي تطوق عنقه و تتمايل بدلال :
-طيب يلا بردو . أنا مش بحب أغامر خصوصا بيك
سامح : يا سلام و أنا هيحصلي إيه يعني ؟
وفاء بحب : أنا بترعب عليك من الهواء يا روحي . من كل حاجة في الدنيا . ربنا مايحرمني منك .. و إحتضنته بقوة
سامح و هو يمسد علي شعرها بلطف :
-ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي . ماشي يلا نرجع الحفلة !
…………………………………
تنهال علي “ميرا” طلبات الرقص من جميع رجال و شباب الحفل و لكن في وجود “سفيان” كان هذا مستحيلا ..
كان لهم لبالمرصاد ، ظل يرفض الواحد تلو الأخر بأسلوب مهذب منافي لطبيعته الهمجية
إلي أن أتي صديقه المقرب … “سامح” :
-تسمحلي أخد أميرتك شوية يا سفيان بيه ؟ .. قالها “سامح” و هو ينقر علي كتف “سفيان” بخفة
قطع “سفيان” حديثه مع أحد شركائه المهمين بالصفقات و إلتفت إلي “سامح” ..
-و هتاخدها علي فين بقي ؟ .. تساءل “سفيان” باسما
سامح : مش بعيد . هناك علي البيست
هنرقص شوية و هرجعهالك تاني
حرر “سفيان” يد إبنته من عقال ذراعه لأول مرة في هذه الليلة ، و سلمها لصديقه قائلا :
-أوك إتفضل . بس خلي بالك منها إوعي حد يقربلها هقطع خبرك إنت
سامح و هو يضحك :
-ماتقلقش .. و أمسك بيد “ميرا” و قادها إلي حلبة الرقص
و علي أنغام معزوفة هادئة ، بدأ “سامح” رقصته مع “ميرا” و هو يقربها منه بشدة متحججا بقوانين الرقصات البطيئة ..
سامح بنبرة خافتة :
-مالك يا قمر ؟ مش مبسوطة من الحفلة و لا إيه ؟
نظرت “ميرا” له و قالت :
-No مبسوطة . بس تعبت من الواقفة
سامح : شوفتي بابا بيحبك إزاي يا ميرا ؟ عمل كل ده عشانك . عشان يصالحك
ميرا بإبتسامة ساخرة :
-Yeah I know !
و فجأة تهللت أساريرها و حلت ملامح الفرح محل قناع الفتور الملازم لها ..
قطب “سامح” حاجبيه و هو يسألها بإهتمام :
-في حاجة يا ميرا .. و تلفت حوله ليري موضع إهتمامها
ميرا بتلعثم : مافيش هاجة ( حاجة ) أنا بس نسيت موبايلي في الأوضة . هاطلع أجيبه و جاية
سامح بدهشة : إيه ده معقول بابا رجعلك الموبايل ؟
ميرا بتعجل : أه إنهاردة أنطي وفاء جابته ليا . Excuse me !
سامح : إتفضلي .. و أفلتها بسهولة
إنطلقت “ميرا” للداخل تلاحقها نظرات “سامح” الحائرة …
…………
في سيارة بورش مكشوفة السقف ، يجلس شاب في سن المراهقة ..
يحرك رأسه للجهتين بين الحين و الأخر مراقبا الباب الخلفي لـڤيلا آل”داغر” … يري صديقته تهرول صوبه و بسمة الإنتصار تملأ وجهها
رد لها الإبتسامة و تنهد بعمق ، في اللحظة التالية كانت مستقلة في المقعد الخلفي
نظر لها عبر المرآة الأمامية و سألها :
-ها يا چودي . طمنيني !
چودي و هي تغمز له :
-عيب عليك . جاية ورايا حالا
الشاب بغبطة : تسلم أفكار حبيبتي . دي وحشاني أوووووي
چودي : وحشاك أه بس الواضح إن إنت إللي واحشها أكتر
دي هي إللي كلمتني إنهاردة أول ما رجعلها الفون و قالتلي علي الخطة الجهنمية دي
الشاب و هو يضحك برعونة :
-هعهعهعهعهع . عشان يبقي يعمل فيها شاطر أوي بعد كده
چودي : هو مين ده ؟
الشاب : أبوهـا . كان فاكر إنه هيقدر يبعدها عني .. و ضحك ملء صوته
و هنا ظهرت “ميرا” علي مقدمة البوابة .. عبرتها ركضا و هي تنظر إلي صديقها الحميم بشوق
مد الأخير يده و فتح لها باب السيارة ، لتقفز هي بجواره فور وصولها … ترتمي “ميرا” بين أحضانه ، تشبك أصابعها خلف رأسه مطبقة بشفتاها علي فمه ..
تغمغم من بين قبلاتها :
-I miss you , چو . يوسف .. وهشتني ( وحشتني ) أوووي
يوسف و يبادلها بحرارة :
-إنتي وحشتيني أكتررررر يا بيبي . كنت هتجنن عليكي
چودي : طيب يلا مش وقته غراميات و Romantic دلوقتي خلينا نمشي من هنا بسرعة الأول
ميرا و هي تعتدل بمكانها :
-أيوه چودي . Correct
يلا نمشي بسرعة بليز چو Now قبل ما دادي يدور آليا ( عليا )
يوسف بإبتسامة خبيثة :
-ماتخافيش يا حبيبتي
أنتي بقيتي معايا خلاص !
و أدار المحرك ، ثم إنطلق بعيدا …
……………………………………………………………………….
مرت برهة طويلة من الزمن … كان “سامح” يرافق “سفيان” الآن
كلاهما يقفان ضمن حلقة ضمت أكبر رجال الأعمال بالبلد ..
حتي إسترعي غياب “ميرا” إنتباه والدها
إلتفت إلي “سامح” و سأله :
-أومال ميرا فين يا سامح ؟
سامح : أنا سبتها من شوية قالتلي طالعة تجيب موبايلها من الأوضة
سفيان : بس أنا مش شايفها قدامي !
سامح : هي قالتلي تعبت من الواقفة . تلاقيها بتستريح فوق ماتقلقش
أومأ “سفيان” رأسه و عاد لمتابعة أحاديث العمل من جديد …
………………
إنتهت الحفلة أخيــــــــــــرا …
ولج “سامح” مع صديقه و أخته إلي الداخل ، فقد طلب “سفيان” منه البقاء معهم لتناول العشاء
كانت المائدة جاهزة ، شد “سامح” مقعدا و قال و هو يمرر عينيه علي الأصناف الشهية :
-إمممممم ريحة الأكل تجنن . أيوه بقي الواحد ماعرفش ياكل في الحفلة .. و بدأ بتناول الطعام فورا
سفيان بصوته القوي :
-طيب أنا هطلع أجيب ميرا تتعشا معانا . من بدري ما أكلتش حاجة .. و إتجه إلي غرفة إبنته
وفاء بسعادة : أخيرا سفيان رضي عن ميرا
البنت كانت صعبانة عليا أوي يا سامح
سامح و هو يمضغ قطعة لحم كبيرة :
-أه أخيرا . مسكينة البنت دي و الله
…….
يفتح “سفيان” غرفة إبنته بعد أن قرع الباب مرات عديدة و لم يتلفي ردا ..
يري السكون سائد و العثور علي إبنته كان معدوما
لم تكن هنا ، الغرفة فارغة تماما
مشي “سفيان” صوب الحمام الملحق بالغرفة ، ربما كانت بالداخل … دق و هو ينادي عليها :
-ميرا .. ميـرا … ميـــرآاا
و فتح الباب في الأخير ..
فراغ أيضا ، ليست موجودة
و فجأة تقع عيناه علي ورقة صغيرة ملصقة علي مرآة مستطيلة أمام حوض الإستحمام
ذهب و إنتزعها بقوة ، فتحها و قرأ المحتوي بعينيه ..
كانت عبارة عن رسالة شديدة اللهجة ، وجهتها “ميرا” لأبيها ، و تحذره من البحث عنها أو الإقتراب منها و إلا ستبلغ عنه القنصلية الأمريكية و تتهمه بإنتهاك حقوقها و شئونها الخاصة بموجب جواز سفرها و أوراقها الشخصية
أطبق “سفيان” علي الورقة بكفه بشدة و قد إصطبغ كل شئ أمامه باللون الأحمر …
إنطلق للأسفل و دخل لغرفة الطعام و هو يهدر بعنف :
-وفـــــاء .. وفـــــــــآاااااااء
-إيه في إيــه يا سفيــان .. قالتها “وفاء” و هي تثب واقفة و تلتفت لشقيقها
سفيان بغضب شديد :
-ميرا خرجت من البيت إزاي ؟؟؟؟
وفاء بصدمة : خرجت !!
خرجت يعني إيه ؟ و خرجت إزاي ده إحنا بقينا نص الليل
إيه إللي إنت بتقوله ده يا سفيان ؟؟!!
-البت هربت يا وفــاء !! .. صاح “سفيان” بضراوة و هو يرفع الورقة أمام أعين أخته ، و أكمل :
-إنتي كنتي فيـــــن ؟ إزآاااي تهرب من بيتي أنـا إزآاااااااي ؟؟؟؟
وفاء بتوتر شديد :
-هربت إزاي بس ؟ و الله ربنا يعلم عيني مش بتتوارب عنها . صدقني ياخويا أنا ماليش ذنب أنا ماحستش بيها أبدا
-وريني كده يا سفيان ! .. قالها “سامح” و هو يأخذ الورقة منه
سفيان بإنفعال : إنت لسا هتقرا ؟ أنا عايز الدنيا تتقلب لحد ما ألاقيها . النهار مايطلعش إلا و هي هنا في البيت
نظر “سامح” له و قال بثقة :
-هنلاقيها ماتقلقش .. و قبل ما الشمس تطلع …… !!!!!!!
يتبــــع ….

الفصل الثالث عشر

~¤ الداغر ! ¤~
في الساعة الثالثة صباحا …
كان “سفيان” يقود سيارته الخاصة خلفه موكب هائل من الحراسة تجزأوا علي أربعة سيارات ضخمة ، “سامح” يجلس بجواره ملتزم هدوئه
فقط يعبث بهاتفهه بتركيز جم
ليلتفت “سفيان” له و يصيح بنفاذ صبر :
-حدتلي مكانها و لا لسا ؟ ما تقولي ماشيين إزآاااااي ؟؟؟؟
سامح ببرودة أعصاب :
-إهدا شوية يا سفيان . ثواني و هحدد الـlocation بالظبط
زفر “سفيان” بقوة و تابع قيادته المجنونة ، ليهتف “سامح” بعد لحظات :
– ( ****** ) Night club !
……………………………………………………………………….
في إحدى الملاهي الليلية …
تجلس “ميرا” بجانب صديقها “يوسف” عند بنش البار ، يطلب لها الكأس الثامن حتي الآن
يضيف له سائل شفاف و قد حرص علي ألا تراه و هو يفعل ذلك ، ثم يعطيه لها قائلا بإبتسامة :
-خدي ده كمان يا قلبي
ميرا بثمالة : Enough
كفاية يا چـوو .. مش قادرة أشرب تاني . I’m so drunk
-عشان خاطري يا بيبي .. قالها “يوسف” بنعومة و هو يدفس وجهه بتجويف عنقها :
-ده و بس !
ميرا : أوووك .. آشانك ( عشانك ) هشرب ده و بس
و أخذت منه الكأس و تجرعته كله دفعة واحدة …
يوسف بإبتسامة إنتصار :
-أيوووه كده يا حبيبتي . Good girl
و هنا جاءت “چودي”
أحاطت كتف “ميرا” بذراعها ، و نظرت إلي “يوسف” قائلة بنبرة ذات مغزي :
-البيست فاضي يا چو !
يوسف : بجد . كله تمام يعني ؟
چودي بغمزة : كله زي الفل
تهند “يوسف” بإمتنان و أمسك بيد “ميرا” قائلا :
-ريري حبيبتي . قومي معايا
كانت رأس “ميرا” أكثر تثاقلا الآن ، و كانت في حالة متزايدة من الإنفصال عن الوعي ..
نظرت له و هي تجاهد لإزاحة جفناها عن بعضهما و قالت بصوت خافت للغاية :
-هنروه ( هنروح ) فين ؟
يوسف بخبث : هنرقص يا قلبي .. و لف ذراعه حول خصرها
أقامها عن مقعدها و مشي بها منحرفا عن الطريق المؤدي لحلبة الرقص ..
كانت شبه نائمة فلم تستوعب شيئا ، و كان يجرجرها علي درج جانبي حتي صعد بها للطابق العلوي ، كان عبارة عن ممر طويل محفوف بالغرف
توقف “يوسف” عند غرفة معينة و فتح الباب ، ثم حمل “ميرا” علي ذراعيه و ولج مغلقا الباب بقدمه
كانت في سبات عميق الآن … عندما وضعها فوق سرير بمنتصف الغرفة
جلس بجانبها و دني منها ، لامس شعرها الحريري مغلغلا أصابعه بين خصلاته ، راح يرتشف وجهها قطعة قطعة ، و إلتصقت شفاهه بشفاهها تنهلان منها بقوة
إرتفعت حرارته و أحمـَّر وجهه بأذنيه نزولا إلي عنقه ..
نفذ صبره ، فخلع فستانها عنها بعنف و إلتقطها و هي خارجة منه عارية
ملمس جلدها الناعم و لونه أطلق العنان لرغبته ، كسر حاجز السيطرة و أصبح الآن حرا بلا قيود أو قواعد …
……………………………………………………………………….
يصل “سفيان” إلي الملهي الشهير تاركا رجاله علي البوابة يحاصرونها …
رافقه “سامح” فقط و دخل معه ليجدوا “ميرا”
أخذ “سفيان” يبحث في كل مكان ، لم يترك زاوية إلا و فتش فيها ، بينما ذهب “سامح” إلي المسؤول مباشرةً ..
كان رجلا في العقد الخامس من عمره ، خط الشيب رأسه و لحيته .. لكن “سامح” لم يحترم هذه الشيبة و إجتذبه فورا من ياقتي قميصه صائحا :
-تعالالــي يا عم الشباب و الرياضة
المسؤول بإرتباك ممزوج بالعصبية :
-إيه ده في إيه ؟ إنت مين يا أستاذ إنــت ؟؟؟؟
سامح بقذارة : أنا عملك الإسود في حياتك يابن الـ××××××
إنجر قدامي ياخويا . تعالي وريني المُكن بتاعتكوا
المسؤول بإنفعال : مُكن إيـه يا حضرة . إنت سكران و لا إيه ؟ نزل إيدك بدل ما أطلب لك الأمن
سامح : طب إنـجــــــزززززززز بقآاااا و تعالي وريني الأوض إللي هنا بدل ما أطلب لك أنا عزرائيل و دلوقتي حالا .. يلا . يـــلآاااااا
و خرج و هو يمسك به هكذا
قابل “سفيان” بالخارج ، فإصطحبه معه إلي وجهة الدليل الذي يسوقه …
……………………………………………………………………….
يشعر “يوسف” بنعومة هائلة تغمره .. إذ لأول مرة تسنح له فرصة ملامسة فتاة بهذا الجمال الفائق ، رغم أنه إبن التاسعة عشر
لكنه يشعر أنه في قمة ذكورته الآن ..
كل شئ ميهأ له ، كل ذرة منه علي أهبة الإستعداد ، فقط عندما يقرر
كان سيفعلها ، لم يكن سيتسغرقه الأمر سوي لحظة
لكن تبدل الحال في غمضة عين …
في هذه اللحظة دفع الباب بقوة ، ليرتعد “يوسف” مرتدا عن “ميرا” .. قام عنها مصعوقا و أحضر ثيابه من علي الأرض و بدأ بإرتدائها ليستر نفسه
من جهة أخري كان “سفيان” في المقدمة ورائه “سامح” قابضا علي الرجل العصبي ..
أول ما وقعت عيناه عليه كان جسم إبنته العاري ، جن جنونه علي الأخير و إنطلق صوبها علي الفور ، لفها بالملاءة بسرعة ثم إلتفت إلي “يوسف” و عيناه تقدحان نارا
لم يكن “سامح” موجودا في هذه اللحظات ، بل خرج بالرجل حتي لا يري “ميرا” و هي علي تلك الحالة ، ليهجم “سفيان” علي صديق إبنته و قد أعمي الغضب بصيرته تماما
أصابه بضربة ساحقة في صدره مستخدما قدمه ، فطار “يوسف” للخلف و سقط علي طاولة زجاجية فتحطمت و تناثرت الشظايا من حوله
لم يستطع إستعادة أنفاسه بعد ، لينهال عليه “سفيان” ضربا مبرحا ، سدد له اللكمات و الركلات حتي أدماه ، صار وجهه يقطر دما من كل منطقة الأنف و الفم و العينان
أخذ “سفيان” يفرغ شحنات غضبه اللانهائي في هذا الوغد ، حتي أنه كسر له ضلعا و قدم لكنه لم يبرد ، ظل يضربه بعنف شديد و هو يصيح بوحشية :
-يابن الـ××××× يا تربية مرى ×××× . أنا هقتلك يابن الـ××××××× مش هاسيبك عايش علي وش الدنيا لحظة
وديني لأوريك العــذآااااااب ألوان يابن ستين ××× مش هرحمـــــــك !
يوسف و هو يصرخ مستغيثا بألم شديد :
-يا أنكل حضرتك فاهم غلــــط . أنا بحب ميرا و الله
كفآااااية أرجووك هعملك إللي إنت عايـــــــزه
سفيان : إللي أنا عايزه هعمله بنفسي . و حياة أمك لأعملك غدا للكلاب بتوعي يا ××××× .. و لوي ضلعه الأخر
فسمع “يوسف” صوت التحطم قبل أن يشعر به
و هنا عاد “سامح” … أسرع نحو صديقه و بجهد أبعده عن جسد الشاب الذي ملأ صراخه المعذب الغرفة ..
-سيبني يا ســـآاامح إووووووعي .. جأر “سفيان” بغضب شديد و هو يحاول التخلص من ذراعي “سامح”
سامح بصرامة : إهـــدي يا سفيـان الواد هيموت في إيدك
سفيان بعصبية : يمـووووووت . أنا عايزه يموت و هموته بإيدي سبنـــيي
سامح : قولتلك إهدي . المهم دلوقتي نشوف ميرا و الواد ده أنا ماقولتش هانسيبه الرجالة طالعين ياخدوه هناخده معانا علي الڤيلا و هناك نتحاسب بس لما نطمن علي البنت الأول
ألقي “سفيان” نظرة علي إبنته المغماة ، فأضرمت النار بصدره من جديد و إنحني صوب “يوسف” هادرا و هو يكيل له اللكمات :
-عملت في بنتي إيـــه ياض ؟ إنطق عملت فيها إيـــــــه ؟؟؟؟
سامح بإنفعال : مش كده بقي يا سفيان كفـآاية قولتلك
و جاء الحرس في هذه اللحظة ..
أمرهم “سامح” بأخذ “يوسف” إلي السيارة ، ليقوم “سفيان” و يمضي نحو إبنته … حملها و هي ملفوفة هكذا بالملأءة ، ثم غادر الغرفة و المكان كله يتبعه “سامح” ……. !!!!!!!!!
يتبــع …

الفصل الرابع عشر

~¤ موعد ! ¤~
في ڤيلا آل”داغر” …
كانت “وفاء” تقف أمام النافذة ، لم تتوقف لحظة عن المراقبة منذ رحيل أخيها و حبيبها .. “سامح”
حاولت الإتصال بكليهما عدة مرات و لكن دون جدوي ، لم تحصل علي أي رد
و في الأخير عند أول ضوء لفجر اليوم الجديد ، رأت “وفاء” البوابة الرئيسية تفتح و تمر منها سيارة أخيها أولا ثم سيارات أفراد الحراسة ..
ركضت “وفاء” إليهم علي الفور ، فتحت باب المنزل لتري “سفيان” يصعد الدرجات و هو يحمل إبنته علي ذراعيه ملفوفة بملاءة
غطت فمها بكفيها و هي تقول بذعر :
-إيـه إللي حصل يا سفيـان ؟ مالها ميـرا ؟؟؟؟
لكنه لم يرد و تابع سيره للداخل ..
وفاء بإنفعال : إنت مابتردش عليا ليــه ؟ بقولك البنت مالها ؟
أمسك “سامح” بكتفها و ضغط عليه قائلا بصرامة :
-وفـاء .. إهدي دلوقتي . أنا هبقي أحكيلك علي كل حاجة بعدين بس ماتتكلميش مع سفيان نهائي
نظرت له و قالت بقلق :
-أنا خايفة علي البنت . إنت مش شايفها عاملة إزاي !
إنتوا جبتوها منين يا سامـح ؟؟!!
زفر “سامح” مغمض العينين و تمتم بنفاذ صبر :
-جبناها من Night club . إرتاحتي ؟
شهقت “وفاء” بصدمة و قالت :
-يانهار إسـود .. طب قولي إيه إللي عمل فيها كده و حصلها إيه ؟؟؟
سامح بضيق شديد :
-مش وقتك خآاالص يا وفاء قولتلك إهدي لما نطمن علي البنت الأول
و هنا دوي صوت “سفيان” من الأعلي :
-وفـــــــآاااااااء
رفعت رأسها هاتفة :
-جـآاااية .. ثم إلتفتت إلي “سامح” مكملة :
-خليك هنا ماتمشيش . و أنا هبعتلك الخادمة تشوف طلباتك إنت مالحفتش تتعشا أصلا
سامح : أنا قاعد إطمني بس شكرا أنا مش جعان عايز فنجان قهوة بس
وفاء بحزم : هتــــاكل حاجة الأول . ماتنفعش القهوة علي معدة فاضية
و ذهبت إلي المطبخ لتبعث له بخادمة تأتي بطلباته ، ثم صعدت إلي أخيها ….
………
في غرفة “ميرا” … بعد أن سطحها والدها علي فراشها ، ألقي بنفسه جالسا بجوارها
وضع رأسه بين يديه و أخذ التفكير يغزو رأسه ، كأفواج من الحشرات راحت تتأكله حتي إنتابه ألم لا يحتمل
طنين مستمر في أذنيه ، لم ينقطع إلا بمجيئ أخته ..
-سفيان ! .. قالتها “وفاء” عندما ولجت إلي الغرفة
أردفت و هي تمضي صوب “ميرا” مباشرةً :
-البنت صحيت ؟ هي نايمة يعني و لا مغم عليها ؟
سفيان بصوت جاف :
-متخدرة . متخدرة و شاربة يا وفاء .. ثم قام من مكانه مكملا بإيجاز :
-عايزك تكشفيلي عليها . شوفيها كويسة و لا لأ
أنا مستني برا .. و خرج بخطي ثابتة و أغلق الباب خلفه
إنقبض قلب “وفاء” بقوة ، و فورا أخذت تقوم بتنفيذ ما طلبه منها “سفيان” …
……………………………………………………………………….
بعد برهة من الزمن …
تخرج “وفاء” من غرفة “ميرا” لتجد شقيقها متكئا علي سور الدرج ، إستدار حين سمع الباب ينفتح
شاهد أخته و هي تقبل عليه مبتسمة براحة ثم تقول :
-الحمدلله . ميرا كويسة يا حبيبي إطمن
أومأ “سفيان” رأسه و نظر للجهة الأخري بشرود
وضعت “وفاء” يدها علي كتفه و قالت بلطف :
-أنا عارفة إن بنتك شوكة في ضهرك يا سفيان . و عارفة إنها تعبتك في الفترة القصيرة إللي قضتها هنا معانا
بس بردو عارفة إنك أدها .. دي مسألة وقت . مش عايزاك تشيل هم كله هيبقي كويس
أزال “سفيان” يدها عنه و إتجه للأسفل و هو يقول :
-خليكي جمبها يا وفاء . و لو فاقت في أي وقت ماتكلميهاش و ماتجيبلهاش سيرة عن أي حاجة . سبيها لحد ما أجيلها أنا !
……………………………………………………………………….
كان “يوسف” محتجزا بنفس السرداب الذي حبست فيه “يارا” من قبل …
و لكن الضوء الآن كان مغلق ، حتي يده لم يتسني له رؤيتها ، إلي أن إعتادت عيناه علي الظلمة ، بدأ يري مجسمات حيوانية صغيرة تطوف حوله
كان يسمع أصواتهم ، فئران هنا و هناك و رائحة عفن و رطوبة شديدة …
أعصابه علي حافة الإنهيار ، و لكنه لا يستطيع أن يصرخ أو يستغيث ، فهو بدون ذلك الرباط الذي يكمم فمه لا يقدر علي بذل أي مجهود
فقد أجهز “سفيان” عليه تماما و لم يترك فيه منطقة سليمة
كان البكاء هو الشئ الوحيد المتاح له ، فظل يبكي و يذرف دموعه بصمت …
حتي سمع أصوات أقدام تقترب من السرداب ، و لحظات و سمع مفتاحا يدور بقفل الباب ، ثم ينفتح الباب و يفاجئه نورا أعمي بصره
إنه ضوء النهار ، غمر المكان كله بلحظة … و شيئا فشئ إتضحت الرؤية أكثر لدي “يوسف”
حيث رأي “سفيان” يقترب منه بخطوات وئيدة ، لترتعد فرائصه و ترتسم علامات الذعر علي وجهه و هو ينظر إليه مترقبا مصيره المفجع
لكن “سفيان” توقف فجأة علي بعد مسافة قليلة منه ، و شد كرسي و جلس قبالته مادا جسمه للأمام ..
-إنت عايز إيـه من بنتي ياض ؟ .. قالها “سفيان” بصوت أجش مثقل بالغضب
نظر “يوسف” له و هز رأسه للجانبين و عيناه تلتمعان بالدموع ..
سفيان بإبتسامة ساخرة :
-أه إنت مش عارف تتكلم عشان الرباط علي بؤك ده !
أوك ثواني .. و نادي علي الحارس الذي تركه أمام الباب
ولج الحارس الضخم ، فأمره “سفيان” بإزالة الكمامة عن فم “يوسف” ليفعل ما أمر به ثم يخرج في هدوء تام ..
-ها بقي . ما ردتش عليا ! .. قالها “سفيان” بهدوء متكلف
يوسف بنبرة مهزوزة :
-أنا . بـ بحـ بحبها .. و الله يا أنكل بحبها
سفيان و هو يكظم غيظه قدر إستطاعته :
-بتحبها تقوم واخدها ديسكو و تسقيها خمرة و في الأخر تخدرها و تاخدها علي أوضة عشان تغتصبها ؟؟؟؟؟؟
يوسف : و اللـه ما لمستها . ما لحقتش آا …
-ما أنا عارف إنك مالمستهـاش .. قاطعه “سفيان” صائحا و هو يهب واقفا بعنف ، و أكمل و هو يحدجه بنظرات مشتعلة :
-لأنك لو كنت عملتها ماكنش زمانك قاعد قدامي دلوقتي .. كان زمانك في دورة هضم في بطون الكلاب بتوعي
يوسف برجاء : و الله أنا ماكنش قصدي آذيها . أرجوك .. أنا حبيتها و إنت حاولت تبعدها عني
سفيان : حاولت ؟!
حبيبي . أنا سفيان الداغر لما بعوز أعمل حاجة بعملها مش بحاول .. و أديك إنت إللي حاولت تلوي دراعي و تاخد بنتي مني . حصل إيـه بقي ؟ ماقدرتش تمس منها شعرة و جبتك هنا في مكان محدش يقدر يوصلك فيه . يعني ممكن تموت و تعفن و لا هتلاقي لك صاحب يسأل عليك
تردد “يوسف” لكنه قال مغالبا خوفه :
-إنت ماتعرفش أنا إبن مين . أبويا زمانه بيدور عليا
مش هيسكت
سفيان بسخرية : خليه يدور عليك . إن شاء الله يلاقيك في الأخرة .. و أكمل بلهجة قاتمة :
-هتقعد هنا إسبوع منغير أكل و شرب . و الله قدرت تستحمل و الروح فضلت فيك هاسيبك تخرج . ماقدرتش و سلمت روحك لربنا هتفضل هنا لحد ما جثتك تفني لوحدها
سلام يا .. چو !
و خرج تاركا إياه يتخبط في الكرسي صارخا :
-إستنـــي .. يا سفيـان بيـــه . أرجـوووك ماتسبنيش كده
أنا آسف و الله هعملك إللي إنت عايزه . بس خرجني من هنـــــآااااااا . يا سفيـــان بيـــــــــه !
و لكن دون فائدة ، ذهبت إستجداءاته كلها أدراج الرياح ، بينما ذهب “سفيان” إلي منزله شاعرا بقليل من صفو البال …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل “يارا” … يدق الهاتف بالصالة
فتسمعه “يارا” و هي بغرفتها ، تقوم لتذهب إليه ، لكن ينقطع الرنين و تجد أمها قد سبقتها
تراها مغتبطة كثيرا و هي تتحدث إلي الطرف الأخر
وقفت لتتسمع عاقدة ذراعيها أمام صدرها …
ميرڤت بسعادة كبيرة :
-أيوه يا سامي .. فهمت أه .. إنهاردة الساعة 8 .. إنت تيجي بدري بقي .. إن شاء الله .. كله هيبقي تمام ماتقلقش .. أيوه إنهاردة أجازة يارا .. ماشي .. مع السلامة
و أففلت ..
-عمي كان عايز إيه يا ماما ؟ .. تساءلت “يارا” من مكانها
ميرڤت و هي تلتفت لها :
-بسم الله الرحمن الرحيم . مش تكحي يابنتي و لا تقولي حاجة فزعتيني
يارا مكررة : عمي كان عايز إيه يا ماما ؟
تنهدت “ميرڤت” بنفاذ صبر و قالت :
-كان بيتصل يأكدلي المعاد
يارا : معاد إيـه ؟
ميرڤت : سفيان الداغر إتصل بعمك إمبارح و حدد معاد عشان يجي يخطبك إنهاردة
زفرت “يارا” بقوة و قال بضيق :
-إنتي مصممة يعني ؟؟
ميرڤت بإصرار : أيـوووه و مش هلاقي لك جوازة أحسن من دي . الراجل زي الفل مايترفضش
زمت “يارا” شفتاها و قالت بعزم :
-ماشـي .. خليه يجي . و أنا هثبتلك أنه مش مدهش أوي كده ……. !!!!!!!
يتبــــع …

الفصل الخامس عشر

~¤ غير متوقع ! ¤~
بعد يوم طويـــــل و شاق … من المتوقع أن يكون “سفيان” هنا الآن ، داخل حمامه الفخم ، واقفا تحت رذاذ المياه الدافئة ينعش نفسه و يصفي ذهنه
فهو لم ينم منذ ليلة أمس ، قضي ثمانية عشر ساعة بدون نوم ، و من المقرر ذهابه إلي منزل “يارا” بعد ساعة من الآن وفقا لإتفاقه مع عمها
برغم إرهاقه و تعبه إلا أنه مصمم علي الذهاب إلي تلك البريئة المستوحشة ، لقد ختمت علي صدره و لا يجوز أن يبتر صدره ، غير ممكن …
أخيرا يفرغ “سفيان” من حمامه الذي إستغرق وقتا أطول من المعتاد
يخرج إلي غرفته ، يجد بذلته التي أوصي عليها منذ إسبوع ملقاة علي سريره بجوارها علبة مخملية صغيرة ، إلتقطها “سفيان” و فتحها ، فإذا بقطعة ماس براقة تضوي وسط إطار ذهبي لخاتم ثمين جدا
أخذ نفسا عميقا أمام جمال هذه القطعة الخلابة المصنوعة بدقة بالغة و التي ترسل إنعكاسات بجميع الألوان حتي في ضوء الغرفة الخافت ..
أقفل العلبة و أعادها حيث كانت ، ثم باشر بتجهيز نفسه
بعد أن قام بتصفيف شعره ، إرتدي البذلة الفاخرة ذات القميص الأسود و السترة القاتمة ، لم يرفق معها ربطة عنق و ترك الثلاثة أزارار العليا دون إغلاق .. إنتعل جزمته السوداء اللامعة كالمرايا و علق قلادته الذهبية بعنقه ، ثم إرتدي ساعة يده الضخمة المصنوعة من الذهب أيضا و تطيب بعطره النفاذ
لم يكثر منه لشدة تركبيته المـُركزة …
يضع علبة المجوهرات الصغيرة بجيب سترته الداخلي ، و يخرج من غرفته متجها إلي غرفة “ميرا” أولا
أمسك بالمقبض و فتح الباب بدون إستئذان
كانت “وفاء” بالداخل ، تجلس بجوار إبنة أخيها و في يدها صحن طعام ، كانت تحاول إطعامها ، لكن يبدو أن “ميرا” لم تقبل …
-سفيان ! .. قالتها “وفاء” و هي تنظر نحو أخيها ، و تابعت بقلق :
-أنا كنت بأكل ميرا الغدا بتعاها . بس هي مغلباني شوية .. و صمتت حائرة
-إطلعي و سبينا لوحدنا شوية يا وفاء .. قالها “سفيان” بصوت صارم دون أن يحيد ناظريه عن إبنته
وفاء بتوتر : أسيبكوا لوحدكوا ! سفيـ آا ..
-وفـاء ! .. قاطعها “سفيان” و هو ينظر لها بقوة ، و تابع :
-من فضلك . إطلعي و سبيني مع بنتي شوية
نظرت له بغير ثقة ، لكنها إنصاعت له و قامت ..
همست بأذنه حين مرت بمحاذاته :
-سفيان بليز بالراحة عليها . عشان خاطري البنت بجد مش حملك . خليك لطيف بلييييز . و أه أنا أسفة حكتلها علي حاجة كنت مضطرة و الله .. و إنطلقت خارجة بسرعة
ثبت “سفيان” بمكانه و لم يبدي أي إنفعال ..
بينما كانت “ميرا” منكسة الرأس ، ضامة ساقيها إلي صدرها و هي تجلس بمنتصف الفراش .. لم تحرك ساكنا عندما شعرت بأبيها يمشي صوبها و يقترب منها ببطء
ظلت هادئة و إنتظرت عقابها الجديد بصمت …
لكن تبخرت ظنونها كلها بلحظة ، حين جلس “سفيان” بجوارها و فاجأها بإجتذابها لحضنه لاففا ذراعه حول كتفها بإحكام
جحظت عيناها من الصدمة ، ليسرع هو بالرد عليها :
-ماتتفاجئيش .. كان صوته خشنا :
-أنا صحيح هاين عليا أموتك بإيدي . خصوصا بعد المنظر إللي شوفته بعيني إمبارح .. بس هرجع و أقولك تاني . إنتي بنتي الوحيدة . ملخص سنين عمري إللي فات . إنتي الحاجة الوحيدة إللي طلعت بيها من الدنيا . و إنتي نقطة ضعفي و إيدي إللي بتوجعني و مقدرش أقطعها .. أنا بحبك يا ميرا . بحبك أكتر من نفسي و من روحي . ليه تعملي فيا كده ؟ .. ردي عليا
تنطق “ميرا” بصعوبة محاربة غصة تضغط بشدة علي حنجرتها :
-أنا مش آملت ( عملت ) هاجة ( حاجة ) .. I just loved
هو الهب ( الحب ) وهش ( وحش ) دادي ؟!!
سفيان : لأ الحب مش وحش يا ميرا . بس لما نتعامل معاه بالعقل قبل القلب . و إنتي للأسف إتبعتي قلبك بس .. و كنتي هتروحي مني .. و ضغطها في حضنه بقوة
ميرا ببكاء مرير :
-بس يوسف كان Very nice with me .. كان بيقول إنه بيهبني ( بيحبني ) .. و أنا وثفت فيه
سفيان : لدرجة إنك تهربي من أبوكي عشانه ؟ و تسبيلي ورقة مكتوب فيها أنا بكرهك و مش عايزة أعيش معاك ؟ أهو طلع عيل و×× و إبن كلب . خدك و كان عايز يعتدي عليكي لولا وصلتلك أنا في الوقت المناسب
ميرا و تمسح دموعها في كم كنزتها :
-يآني ( يعني ) إيه يآتدي ( يعتدي ) آليا ( عليا ) ؟!
سفيان : rapes you
همهمت “ميرا” بتفهم ، ليقول “سفيان” بصوته العميق :
-علي أي حال أديكي جربتي بنفسك و أكيد عرفتي إن أبوكي مش بيحاول يقف في طريقك أو يفرض سيطرته عليكي عشان يضايقك . أكيد عرفتي إن طول الوقت ده أنا كنت بحاول أحميكي و إنك إنتي إللي كنتي مصممة تأذي نفسك
تعلقت “ميرا” بذراعه و رفعت وجهها إليه قائلة بحزن :
-دادي . I love you . بليز forgive me .. أنا هبيته ( حبيته ) بجد
سفيان بضيق شديد :
-تاني هتقولي حبيته .. يابنتي قولتلك ده واد مش كويس و كان عايز يستغلك . عايزة إثبات تاني إيـه ؟؟؟
أطرقت رأسها خزيا ، فتنهد “سفيان” و رفع ذثنها بإبهامه قائلا :
-طيب يا ميرا . أنا معاكي للأخر .. و كل إللي إنتي عايزاه هيحصل . وحياتك عندي لأجبلهولك راكع تحت رجليكي
نظرت له بصدمة و قالت :
-What you mean ?
سفيان بإبتسامة : I mean إنك ماينفعش يبقي نفسك في حاجة و ماتبقاش ملكك .. إنتي بنت سفيان الداغر . يعني تقعدي مكانك و كل إللي إنتي عايزة يجي لحد عندك
الواد ده أنا هجبهولك راكع . أي أوامر تانية ؟
ضحكت “ميرا” و لم تصدق مدي سعادتها ، فقفزت علي والدها محتضنة إياه بقوة و هي تهدل :
-oh my gosh ! دآاااااادي . إنت بتتكلم بجد ؟ . يآني ( يعني ) هتوافق إني أشوف يوسف و يشوفني و كل الهاجات ( الحاجات ) دي ؟؟!!
سفيان و هو يضمها بلطف :
-هوافق عشان خاطرك إنتي يا حبيبتي . مش إنتي عايزاه ؟ أنا هخليه تحت رجلك . هجوزه لك !
إرتدت “ميرا” للخلف و نظرت له بإستغراب :
-آيزني ( عايزني ) أتجوزه
سفيان بجدية : أيوه طبعا . أومال هخليه يقرب منك منغير جواز ؟ هيتجوزك و هتعيشوا هنا معايا . تحت عنيا . أهم حاجة راحتك و سعادتك . و لو ده إللي هيريحك و يسعدك ماعنديش إختيارات تانية . هعملك إللي إنتي عايزاه
ميرا بحيرة : Yes دادي .. بس أنا لسا 16 سنة !
سفيان : عادي إحنا عندنا هنا في مصر البنات ممكن يتجوزوا صغيرين . بس أنا مش هجوزه لك علطول يعني . هنستني كام شهر كده عشان المظهر العام
زمت شفتاها بتفكير ، ثم قالت و هي تهز كتفاها :
-أوك . إللي إنت شايفه دادي
إبتسم “سفيان” و مرر أنامله علي وجنتها قائلا :
-سفيان الداغر ماعندوش قلب .. بس إنتي قلبه يا حبيبتي !
……………………………………………………………………….
هبط “سفيان” إلي الطابق السفلي ، ليجد “سامح” جالسا بالبهو مع “وفاء” تقدم له قدحا من الشاي ، ثم تجلس قبالته علي الآريكة العجمية المسطحة …
-أهلا سامح ! .. قالها “سفيان” و هو يقبل عليه بخطوات متواثبة
سامح بإبتسامة : ازيك يا سفيان . إيه الأخبار ؟
سفيان متخذا مظهرا جدي :
كله تمام . إلا قولي صحيح إنت كنت قايلي أبو يوسف ده شغال إيه ؟
قطب “سامح” حاجبيه و أجاب :
-أبوه يبقي بكر السنهوري . صاحب شركات الحديد و الصلب .. بتسأل ليه يا سفيان ؟!
سفيان بغموض : عادي مجرد سؤال . هتعرف بعدين يا سامح . لما أرجع من مشواري
سامح : و إنت رايح فين كده ؟
وفاء بفضول كبير :
-صحيح يا سفيان إنت متشيك علي الأخر كده و رايح علي فين ؟؟؟
نظر “سفيان” لها و قال مبتسما :
-رايـح أخطـب !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل “يارا” …
تلج “ميرڤت” إلي غرفة إبنتها راسمة تعابير البهجة علي وجهها ، كانت “يارا” تجلس أمام المرآة ، صوبت لأمها نظرات حانقة عندما شاهدت حالة الفرح التي تلفها
أشاحت عنها و هي تزفر بضيق ، لتمضي “ميرڤت” ناحيتها و هي تهتف :
-بنتي الحلوة كبرت و بقت عرووسة يا ناس . إيه حبيبة قلبي جهزتي نفسك ؟ .. و وضعت يدها علي كتفها
يارا و هي تنظر لإنعكاس أمها بالمرآة :
-إتزفت . يا رب تكونوا مرتاحين بس
ميرڤت مؤنبة : و بعدين بقي يا يارا . إحنا مش إتفقنا هتبقي لطيفة مع الراجل
يارا بغيظ : حاضر هبقي لطيفة . حآاااضر هعملك كل إللي إنتي عايزاه . بس و الله لأجيب أخره إنهاردة و أعرفكوا حقيقته كويس
ميرڤت بجدية : علي فكرة يابنتي الراجل ده لو ماكنش كويس ماكنش دخل البيت من بابه . أنا متمسكة بيه جدا و عشان مصلحتك بإذن الله الجوازة دي هتم يعني هتم
و هنا دق جرس الباب …
-هه . أكيد هو ! .. قالتها “ميرڤت” بحماسة و أكملت :
-عمك برا هيفتحله . أما أروح عشان أستقبله أنا كمان
خليكي إنتي هنا بقي لحد ما أجي أجيبك أنا
و ذهبت ..
لتتأفف “يارا” بكدر شديد و تقول :
-أستغفر الله .. مصيبة إيه دي يا رب ؟ راجل تنح و بآاااارد أووووي ….. !!!!!!!!
يتبـــــــع …

الفصل السادس عشر

~¤ حاوي ! ¤~
تخرج “ميرڤت” من غرفة إبنتها و تذهب لإستقبال الصهر المستقبلي راسمة علي وجهها تلك البسمة الواسعة
لكنها تجد شقيق زوجها “سامي” قد إهتم بأمر الضيف و أجلسه بالصالون ..
ولجت إليهما و هي تهتف بحفاوة شديدة :
-أهلا أهلا . أهلا و سهلا يا سفيان بيه نورتنا !
قام “سفيان” و هو يقول بصوته العميق :
-بنورك يا ميرڤت هانم .. و أمسك بيدها و إنحني ليقبلها ، ثم نظر لها و قال :
-أنا جاي في معادي بالظبط . أتمتي ماكنش أزعجتكم
ميرڤت بإبتسامة : يا خبر إنت تزعجنا !
إستحالة طبعا يا باشا .. و نظرت إلي الهدايا و الأغراض التي أحضرها و قالت :
-بس ماكنش له لازمة التعب ده . ليه كلفت نفسك بس ؟
سفيان : ماتقوليش كده يا هانم ده من بعض ما عندكم . دي حاجات بسيطة جدا
ميرڤت بإمتنان : عموما شكرا . كلك ذوق و الله .. طيب إتفضل أقعد بقى واقف ليه ؟
جلس ثلاثتهم ، ليقول “سامي” بجدية :
-إنت شرفتنا و الله يا سفيان بيه . مجيتك غالية عندنا أوي
بس أنا كنت عايز أقولك حاجة قبل ما نجيب يارا تقعد معانا
-مش وقته يا سامي ! .. قالتها “ميرڤت” بتوتر
سامي و هو ينظر لها :
-مش وقته إزاي يا ميرڤت ؟ لازم كل حاجة تبقي علي المكشوف ده جواز يا مرات أخويا
-مافيش مشكلة يا أستاذ سامي .. قالها “سفيان” بثبات ، و أكمل بثقة :
-إحنا أساسا مش هنختلف . إتفضل قول كل إللي إنت عايزه
نظر “سامي” له و قال بلطف :
-إحنا يشرفنا نسبك طبعا يا سفيان بيه و كل الناس هيحسدونا علي العلاقة دي لو حصل نصيب . بس عشان يحصل نصيب و كلنا نبقي مبسوطين لازم العروسة تبقي مقتنعة و موافقة 100%
سفيان بإبتسامة : هي قالت إنها معترضة يعني !
مط “سامي” شفتاه و قال :
-مش بالظبط . هي قالت إنها هتقرر بعد المقابلة دي .. و أكمل بحرج :
-أصلها ماتأخذنيش يعني سمعت عنك إشاعات كده مخلياها قلقانة شوية
أومأ “سفيان” بتفهم و قال :
-تمام يا أستاذ سامي . أنا فهمت . ده كله حقها علي فكرة و أنا موافق علي كل إللي هي عايزاه . بس أوعدك إني مش هخرج من هنا إنهاردة إلا و أنا متفق علي كل حاجة
سامي بإبتسامة : و الله ده شئ يسعدني جدا يا سفيان بيه .. ثم إلتفت إلي زوجة أخيه و أردف :
-من فضلك يا ميرڤت إدخلي نادي يارا !
……………………………………………………………………….
في ڤيلا آل”داغر” …
ما زال “سامح” يجالس “وفاء” .. كان يستمع إلي حديثها بذهن شارد ، فكلمات “سفيان” عالقة بأذنيه حتي الآن
تري ماذا كان يقصد عندما سأله عن ماهية عمل والد “يوسف” ؟؟
ذاك الولد الأرعن الذي قفز أمامه فجأة ، و ماذا يريد ؟ يريد “ميرا” .. “ميرا” التي هبطت علي أراضي الشرق لتربك توازن الجميع ، حتي “سامح”
الرجل الناضج ، ذو العقل الراجح ، و الذي يتقدم أبيها في العمر بعدة سنوات قليلة
ثمة أشياء كثيرة تمنعه عن الخوض في هذا الطريق الوعر ، أولهم علاقته بـ”وفاء” فهي لن تسمح له بالتخلي عنها ، هي مجنونة رغم كل شئ و بإمكانها قلب الموازيين بلحظة
و إذا عرفت بالأمر لن يكفيها دمه و دم تلك البريئة الوقحة ، تربية السيدة “ستيلا براون” والدتها الأمريكية اللعوب ، مدمنة الكحول و رائدة متاجر القمار و الملاهي الليلية
لكنه لا يستطيع الإمساك بنفسه ، كلما حاول يفشل ، هناك شئ بداخله يريدها و بقــــوة … هذا شئ غير مقبول منطقيا ، و لكن هذا حاله ..
-سـامح ! .. قالتها “وفاء” عندما لاحظت شروده الطويل
أفاق “سامح” ناظرا إليها :
-نعم يا وفاء ؟!
وفاء و هي تنظر له بإستغراب :
-مالك يا حبيبي بتفكر في إيه ؟
سامح : أنا ! مش بفكر في حاجة .. بتسألي ليه ؟
وفاء : أصلي لاقيتك سرحت فجأة !!
إبتسم “سامح” بتظاهر و قال :
-مافيش حاجة يا حبيبتي . كنت بفكر في قضية كده . جاتلي من فترة مش عارف أقبلها و لا لأ
وفاء برقة : طيب ما تقولي قضية إيه و أنا أساعدك يا حبيبي
سامح و هو يضحك :
-ده إللي ناقص يا وفاء . بالمرة تيجي تشتغلي معايا في المكتب
وفاء بحزن : أخس عليك . يعني زهقان مني ؟
سامح : أنا أقدر يا قلبي ؟ .. و أمسك بيدها و ضغطها علي صدره مكملا :
-ده إنتي الحب كله يا فيفي . قاعدة هنا بين ضلوعي و مربعة
توردت “وفاء” خجلا و قالت بحب :
-بموت فيك يا سمسم . ربنا يخليك ليا يا حياتي
……………………………………………………………………….
في منزل “يارا” …
تسير “يارا” مع أمها صوب الصالون و هي تحمل صينية المشروبات بين يديها ، كانت زينة وجهها الباذخة تزعجها للغاية
لولا إصرار أمها لما تبرجت بإصراف هكذا ، كل ما يحدث الآن رغما عنها .. فهي لا تطيق هذا المجرم
يصيبها الرعب بمجرد النظر في عينيه ، و هو ببساطة أتيا ليطلب يدها !!!
-مساء الخير ! .. قالتها “يارا” علي مضض حين شعرت بلكزة أمها في جنبها
ليرد كلا من “سامي” و “سفيان” معا :
-مساء النور
قام “سفيان” من مكانه عندما شاهدها تمشي صوبه بخطواتها الثابتة ، مدت الصينية نحوه و هي تقول بإبتسامة صفراء :
-إتفضـل !
مد “سفيان” يده و أخذ كأس العصير المقدم له و قال بإبتسامة ملتوية :
-شكرا . تسلم إيدك
رمقته بنظرة إستخفاف ، و إنتقلت إلي عمها فقدمت له كأس أيضا ..
جلست في كرسي بجوار أمها ، ليتابع عمها الحديث فورا :
-يارا يابنتي .. سفيان بيه الداغر جاي إنهاردة عشان يطلب إيدك . أنا قولتله إن عندك شوية أسئلة له قبل ما تقولي قرارك النهائي و هو موافق و كان متفهم جدا . دلوقتي تقدري تتكلمي براحتك و هو هايجاوب علي أسئلتك
نظرت “يارا” له ، إستقبل نظراتها الكارهة بإبتسامة بلهاء مستفزة ، لتزم شفتاها شاعرة بالحنق و تقول :
-أنا عندي سؤال واحد بس . و مش هكرره . حضرته عارفه كويس لو عنده إجابة ياريت يقولها دلوقتي و إلا هو بردو عارف ردي
ميرڤت بغضب : إيه يا بنت ما تتكلمي كويس مالك ؟!
-سبيها يا ميرڤت هانم .. قالها “سفيان” بلهجة فاترة ، و أردف مبتسما :
-سبيها علي راحتها .. أنا جاي أصلا عشان أجاوبك علي السؤال ده يا يارا .. بس ممكن تسيبونا علي إنفراد شوية من فضلكم !
تبادل “سامي” النظرات مع “ميرڤت” و في الأخير قال :
-ماشي . حقكوا بردو .. تعالي يا ميرڤت نقعد في البلكونة شوية لحد ما يخلصوا كلام
قامت “ميرڤت” مع “سامي” و أغلقت باب الصالون و هي تنظر لإبنتها بإبتسامة عريضة لترد “يارا” بتكشيرة غاضبة ..
إمتد الصمت للحظات ، ثم قطعه “سفيان” بصوته العذب :
-ها يا ست الكل .. إتكلمي و قولي كل إللي في نفسك . أنا سمعك !
نظرت له بإستنكار و قالت :
-إنت مصدق نفسك ؟ لأ بجد إيه البجاحة بتاعتك دي
إنت فاكر إن بمجيك هنا بتلوي دراعي مثلا ؟؟!!
سفيان بهدوء تام :
-أنا عمري ما فكرت ألوي دراعك . و قولتهالك قبل كده . أنا بس حبيت أدخل البيوت من أبوابها . مش دي الأصول ؟
يارا بسخرية : و ما شاء الله علي حضرتك بتفهم في الأصول جدا
سفيان : أنا عايزك علي سنة الله و رسوله . و مش عارف إنتي مصرة تحودي عن الطريق ده ليه ؟
يارا بإسلوب هجومي :
-و أنا مش عارفة إنت مش عايز تسيبني في حالي ليه ؟!
سفيان بإبتسامة : كل راجل مسيره يتجوز و يستقر مهما طالت بيه العذوبية . و كل راجل بردو بيفضل يدور علي شريكة حياته المناسبة . و أنا لاقيتك الأنسب ليا يا يارا
يارا بحدة : بس ده ماكنش كلامك . إنت قولتلي إني هكون فترة في حياتك و بعدين غير ده كله .. أنا مش ناسية إنك مجرم و تاجر سلاح
حك “سفيان” ذقنه النامية قائلا :
-إنتي عارفة إن أي إنسان ناجح بيكون له أعداء
قطبت “يارا” و ردت :
-قصدك إيه ؟ عايز تقول إنك برئ ؟
إزاي و إنت بنفسك إللي مأنكرتش ده ؟؟!!
سفيان بتحد : و كمان مأكدتش
يارا بعناد : بس أنا مش متأكدة من كلامك . إيه إللي يجبرني أوافق علي حاجة مش مضمونة ؟
-إني بحبك و عايزك مثلا ! .. قالها “سفيان” بإبتسامته الجذابة ، لترتبك “يارا” و هي ترد :
-إنت بتحبني ؟ و ده حصل إمتي و إزاي إن شاء الله ؟!!
سفيان بخبث : لأ إمتي و إزاي دول مش هقولك عليهم إلا إما تبقي مراتي رسمي
كلماته ساحرة ، تصيب العقل بالدوار ..
هزت “يارا” رأسها و قالت بتوتر :
-إنت بتخدعني .. أنا مش قادرة أصدقك . أنا أصلا رفضاك مش عايزة إتجوزك
سفيان متجاهلا عبارتها الأخيرة :
-أنا مستعد أقدملك أي ضمان
يارا : ضمان إيه ؟ ده جواز حضرتك مش صفقة
سفيان وقد إنتابه الضيق :
-طيب عايزه إيـه ؟؟؟ أنا تعبت يا يارا . إنتي تعبتيني جدا
يارا : حلو . طالما تعبتك ريح نفسك و إبعد عني
-مقدرش .. تمتم “سفيان” بإبتسامة جانبية ، و أكمل :
-إنتي عششتي جوايا . لدرجة إن قلبي مش مقتنع بوجود ستات في الدنيا غيرك .. يا إنتي يا بلاش يا يارا
نظرت له بعدم تصديق و قالت :
-إنت مش ممكن .. إيه كلامك ده ؟ يودي في داهية و الله
ضحك “سفيان” بمرح ، ثم قال :
-طيب قوليلي قرارك بقي . خلصيني من العذاب ده بالله عليكي . و الله هتلاقيني شخص كويس بس إديني فرصة !
إنفرجت شفتاها و هي تحدجه بدهشة كبيرة .. و كأنه الحاوي الذي لا يخلو جرابه من المفاجآت ، و يجيد اللعب علي الحبال أيضا …
غير معقـــول …… !!!!!!!!!!!!
يتبــــع …

 

 

نتمنى لكم قراءة ممتعة زوار تداول منصتي الأعزاء
ولطلب اي رواية من اختياركم راسلونا على قناة التليجرام من هنا —-> تداول منصتي للقصص والروايات

أو على رسائل الصفحة الخاصة بالموقع على الفيس بوك من هنا —-> كامو للراوايات والقصص

وللمزيد من الروايات الرائعة يمكنكم تصفح الموقع والبحث عن أي رواية ترغبون بقراءتها من هنا —-> مدونة كامو

اترك رد